بعد 11 عاما من القطيعة، عادت العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وتونس بقرار افتتاح سفارة سوريا رسميا في العاصمة تونس، في ضوء مبادرة أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد قبل أسابيع.
وقال خبيران من تونس وسوريا تحدثا لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن عودة العلاقات بين البلدين سيترتب عليها تعزيز التبادل التجاري الاقتصادي، فضلا عن التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأعلنت سوريا وتونس في بيان مشترك، الأربعاء، أنه "تجاوبا مع مبادرة سعيّد بتعيين سفير لبلاده في دمشق، قررت سوريا إعادة فتح سفارتها في تونس وتعيين سفير على رأسها".
الإرهاب على رأس الأولويات
ويرجع المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي حرص بلاده على عودة العلاقات مع دمشق إلى 3 عوامل رئيسية:
• تعد سوريا واحدة من أكبر الدول التي تتعاون تجاريا مع تونس، خاصة المنتجات التحويلية والفوسفات.
• لدى تونس جالية كبيرة جدا من الطلبة السوريين في مجال الفنون والعلوم الإنسانية.
• الرغبة المشتركة لدى الدولتين في تنسيق مجالات مكافحة الإرهاب، حيث تعج السجون السورية بالإرهابيين التونسيين.
ووفق الجليدي، فإن تونس الآن "في أمَس الحاجة لفتح هذا الصندوق الأسود، والتعاون مع دمشق من أجل الحصول على معلومات من شأنها تعزيز جهود مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي التونسي".
ويقول المحلل السياسي إن تونس لديها الكثير من المعلومات حول مواطنين مسجونين داخل سوريا لديهم صلات بجماعات وتنظيمات في الداخل، ونشطوا خلال السنوات الماضية في تنفيذ عمليات إرهابية داخل تونس.
كما أن "هناك حاجة ملحة لدى تونس لتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع سوريا من أجل الحصول على معلومات وتوثيقات بشأن ملف تسفير الشباب إلى بؤر الصراع، الذي تحاكم فيه قيادات حركة النهضة الإخوانية في الوقت الراهن، وفي مقدمتهم زعيمها راشد الغنوشي".
دوافع إنسانية
أما المحلل السياسي والصحفي السوري درويش خليفة، فيرى أن هناك دوافع وأهدافا أخرى للتعاون بين الطرفين، في مقدمتها الجانب الإنساني.
ويقول خليفة إنه "بعد مرور 12 عاما على الأزمة السورية وبقاء الملف السياسي على رفوف الدول المتداخلة، بدأت الدول العربية بتحريكه عبر البوابة الإنسانية".
واستشهد المتحدث بالمساعدات الإغاثية التي قدمتها دول عربية لسوريا بعد زلزال 6 فبراير الماضي، الذي كانت له آثار مدمرة على أجزاء من سوريا.
الإخوان و"داعش"
ويضيف خليفة أن تونس وسوريا يشتركان في عدائهما لتنظيم الإخوان، لكنه يستبعد أن يكون الهدف من التقارب أمنيا بالنظر إلى نحو 3 آلاف تونسي كانوا يقاتلون في سوريا ضمن صفوف "داعش"، إذ إن سجون عناصر التنظيم الإرهابي في شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن.
و"بالتالي فإن الحكومة في دمشق لا يمكن أن يستطيع تحرير هؤلاء وإعادتهم إلى بلدهم لمحاكمتهم هناك".
ويرى خليفة أن هناك حسابات خاصة تتعلق بالرئيس التونسي في سبيل إعادة تعيين سفير لبلاده في دمشق، حيث إن "تونس تعتبر أول بلد عين قنصلا له في سوريا عام 2015، بعد القطيعة العربية التي بدأت في نوفمبر 2011".