تواجه الحكومة التونسية، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، جملة من التحديات السياسية في مقدمتها ملف الهجرة غير الشرعية التي تشهد تفاقما ملحوظا خلال الفترة الماضية.
ويرى المحلل السياسي التونسي بسام حمدي إن تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين من الأراضي التونسية، ليس وليد الصدفة، لكنه نتاج لسنوات من تطبيق سياسة أوروبية تعتمد على "تصدير الحدود".
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يقول حمدي إن هذا المفهوم يمكن تفسيره، بالنظر إلى سياسات فرنسا وإيطاليا، حيث دافعت عن نفسها، تجاه الهجرة غير النظامية، بدفع المهاجرين للبقاء في مناطق عديدة بشمال وشرق إفريقيا في مقدمتها تونس.
وبحسب حمدي، بدت تونس مؤخراً رافضة لهذه السياسيات الأوروبية، حفاظاً على حدودها وأمنها القومي وتركيبتها الاجتماعية، وهو أمر يزعج دول أوروبا التي ترى في تلك القرارات تهديد لأمنها.
هناك جملة من الأسباب المحلية أيضا أدت لزيادة أعداد المهاجرين غير النظامين من تونس، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة، وما يترتب عليها من تداعيات أمنية واجتماعية.
الظرف الأمني الذي مرت به البلاد خلال الفترة الماضية لعب دورا في تعزيز ظاهرة الهجرة غير النظامية في البلاد.
كيف تتعامل الحكومة مع الأزمة؟
يقول حمدي إن السلطات التونسية بدأت بالفعل إقرار حزمة إجراءات أمنية وسياسية تستهدف تقليص ظاهرة الهجرة غير النظامية وحماية الحدود التونسية.
تنعكس هذه الجهود على التصدي المستمر لمحاولات الهجرة من داخل البلاد من جانب السلطات التونسية وإحباطها.
تخلصت السلطات من العديد من الإجراءات التي شجعت على تزايد أعداد المهاجرين في السنوات الماضية، خاصة ما يتعلق بسنوات حكم حركة النهضة العشر.
يضغط الرئيس قيس سعيد على دول الأوروبية من أجل تقديم تنسيق ودعم مشترك للمساهمة في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، وهو ما بدأ بالفعل خلال الأشهر الماضية.
كما ستعزز تونس من تواجدها الأمني على الحدود مع دول الجوار وكذلك الدول الأوروبية، من أجل التصدي بشكل أكبر لعمليات الهجرة.
آخر التطورات
أحبطت السلطات التونسية محاولات جديدة، للهجرة غير الشرعية عبر الحدود البرية، الثلاثاء، وألقت القبض على ثلاثة أفراد بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.
وقال المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي، في بيان الأربعاء، إنه في إطار التصدي لظاهرة اجتياز الحدود البرية خلسة تمكنت وحدات الحرس الوطني العاملة بجهات قبلي، وتوزر،" مدنين والقصرين من ضبط 44 شخصا من جنسيات إفريقيا (جنوب الصحراء) بعد أن تعمدوا اجتياز الحدود البرية خلسة والإقامة في البلاد بطريقة غير قانونية، تمهيدا للهجرة إلى أوروبا.
وسجلت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة وصول 12 ألف شخص هاجروا من تونس بطرق غير شرعية خلال العام 2022، مقابل 1300 مهاجر في 2021.
ويشار إلى أن تدفقات الهجرة غير القانونية تزايدت بشكل واضح في أواخر عام 2022 وبداية العام الجاري وقد كشفت بيانات وزارة الداخلية، عن وصول أكثر من 20 ألف مهاجر، خلال نوفمبر وحتى ديسمبر من العام الماضي، مقارنة بنحو 13 ألفا خلال الفترة نفسه.