وسط شد وجذب ورفض من قبل قوى سياسية خارج الائتلاف الحاكم بالعراق ومظاهرات احتجاجية، صوّت مجلس النواب في جلسة طويلة تخللتها مشادات عقدت ليل الأحد وامتدت لساعات صباح الاثنين، على التعديل الثالث لقانون انتخابات، يقلل من فرص الأحزاب الصغيرة والمستقلين.
ويتصل التعديل الثالث بمجال المحافظات والأقضية في الانتخابات العراقية، ويعتمد التعديل نظام سانت ليغو، الذي تتم بموجبه الانتخابات في المحافظة الواحدة بوصفها دائرة واحدة بعد أن كانت دوائر متعددة في الانتخابات الأخيرة.
وكان قد تم تغيير القانون واعتماد نظام الدوائر المتعددة، تحت ضغط المظاهرات الشعبية الواسعة في أكتوبر 2019، والذي نظمت وفقه انتخابات 10 أكتوبر عام 2021.
بين رفض وتأييد
- وفق المعارضين للتعديلات، فإن الأمر يعني التراجع عن واحدة من أهم مكاسب ما تعرف باسم "تظاهرات تشرين"، وهي إقرار قانون الدوائر المتعددة، الذي أتاح الفرصة لصعود قوى ووجوه جديدة للبرلمان ولا سيما من المستقلين.
- يرى المدافعون عن التعديل أنه من حق قوى الأغلبية البرلمانية طرح المشاريع وتمريرها، كونه من أبجديات النظام الديمقراطي البرلماني أن تعتمد القوانين وفق الغالبية، وأن من مصلحة قوى إئتلاف إدارة الدولة التي تشغل أكثر من 270 مقعدا من أصل 329 مقعدا، تعديل القانون الانتخابي وفق نظام الدائرة الواحدة الذي يخدمها انتخابيا.
توزع القوى
- أبرز داعمي تعديل قانون الانتخابات هم: قوى الإطار التنسيقي الشيعية، وتحالف السيادة السني، والحزبان الكرديان الكبيران الديمقراطي والاتحاد الوطني، وهي القوى الرئيسية المنضوية في إئتلاف إدارة الدولة الحاكم.
- تعارضه كتل مستقلة وقوى سياسية كالحزب الشيوعي العراقي، ويرى مراقبون أن التيار الصدري متحفظ على هذا التعديل، وإن لم يصدر بعد أي موقف رسمي منه حول ذلك، خاصة وأنه كان أكبر المستفيدين من نظام الدوائر المتعددة الذي جرت وفقه انتخابات 2021 حين حصد 73 مقعدا من أصل 329.
ماذا بعد؟
يقول مدير مركز التفكير السياسي في بغداد إحسان الشمري، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- التعديل هو ولا شك نتيجة اتفاق القوى السياسية ضمن إئتلاف إدارة الدولة الحاكمة، وطرحها لمشروع التعديل هذا الهدف منه هو ضمان سيطرتها على المشهد وتقويض التيار الصدري، وهي محاولة لمنع صعود المستقلين وقوى ناشئة جديدة.
- القوى السياسية المتنفذة والحاكمة ولامتصاص الانتقادات على مشروع التعديل، غيرت قسمة احتساب الأصوات من 1.9 إلى 1.7، وهو ما لن يغير كثيرا في الأمر.
- التعديل مرر كوننا نتحدث عن إئتلاف برلماني حاكم، يملك الأغلبية البرلمانية ويهيمن على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبما يتفق مع رؤى القوى الحاكمة ومصالحها.
- هذا التعديل سيرتد سلبا على صعيد الثقة الشعبية بالعملية الديمقراطية وبالانتخابات، وستعزز العزوف الشعبي عن المشاركة الانتخابية، وربما نكون حتى أمام حراك شعبي رافض لهذا التعديل من خلال التيار الصدري مثلا، أو القوى السياسية الناشئة والفعاليات المدنية.
بدوره يقول الباحث السياسي والخبير بالشؤون العراقية، علي البيدر، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- إقرار موعد انتخابات مجالس المحافظات قبل أيام والتصويت على تعديل قانون الانتخابات ككل، هو مؤشر على وفاء حكومة السوداني بتعهداتها بالمضي قدما في تنظيم الانتخابات.
- لكن إجراء انتخابات عامة جديدة يعتمد على جملة عوامل داخلية وخارجية ولا سيما موقف التيار الصدري، والبلاد تعيش كما هو معلوم على وقع ارتدادات تلك العوامل والظروف، ولهذا اقرار التعديل لا يعني بالضرورة الذهاب تلقائيا نحو الانتخابات، حيث لا توجد بوادر انتخابات مقبلة قريبة.
نظام سانت ليغو
اعتمد البرلمان العراقي في 4 نوفمبر 2013، نظام "سانت ليغو" المعدل، وتم تضمينه في الفقرة رقم 14 من قانون الانتخابات، وهي طريقة توزيع المقاعد على القوائم المتنافسة .
هذه الطريقة ابتكرت عام 191، وتقلل من العيوب الناتجة عن عدم التماثل بين عدد الأصوات المعبّر عنها وعدد المقاعد المتحصل عليها .
وهي طريقة حساب رياضية تتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعديا، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز.
لكن العراق اعتمد سابقا القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين المستقلين والكيانات الناشئة والصغيرة.