رغم أن الدول المعلن زيارتها خلال جولة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، تشمل الأردن ومصر وإسرائيل، فإنّه حل فجأة، الثلاثاء، في العراق، في زيارةٍ وصفت بأنها "إثبات وجود وبقاء"، في البلد الذي تتصارع عليه قوى إقليمية ودولية، من بينها الصين.
يوجّه محللان سياسيان خلال حديثهما لموقع "سكاي نيوز عربية" النظر إلى أن الزيارة تحمل كذلك "رسالة طمأنة" إلى دول عدة بالمنطقة، بعدم انشغال واشنطن عن قضاياها بالحرب الأوكرانية وملف تايوان.
غرد أوستن، عبر حسابه الرسمي بتويتر: "هبطت في بغداد، أنا من هنا لأعيد تأكيد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، بينما نتحرك نحو عراق أكثر أمنا واستقرارا وسيادة".
تأتي الزيارة قبل أيام من الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق، بينما تولى المسؤول الأميركي في وقت سابق منصب قائد للقوات الأميركية في العراق، ورئيس القيادة المركزية للولايات المتحدة، وهي الجهة التي شاركت في حربي الخليج الثانية والثالثة.
ما وراء "المفاجأة"
عن عدم الإعلان المسبق عن الزيارة، يقول الدكتور إحسان الشمري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، إن هذا سياق متعارف عليه في زيارة المسؤولين الأميركيين للعراق كإجراء أمني، ولمنع استفزاز بعض الأطراف الإقليمية.
في تقدير الشمري، فإن زيارة أوستن في هذا التوقيت تحمل مؤشرات بشأن مستقبل العلاقات مع العراق خاصة، والشرق الأوسط عامة، ومنها:
• "رسالة وجود وبقاء" من جانب واشنطن في العراق، وتأكيد أن العراق يتصدر أولويات أجندة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برفع مستوى التعامل بين البلدين.
• توقع بأن تناقش الزيارة ملفات أمنية وعسكرية، خاصة مع زيادة التوتر بين موسكو وواشنطن، منها التعاون الاستخباراتي، وإنهاء فوضى السلاح في العراق، وملف الفصائل المسلحة (التي يوالي كثير منها إيران)، إضافة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
• قد تتضمن الزيارة التنسيق بعد طرح رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، مبادرة تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة.
على البيدر، المحلل السياسي العراقي، يتفق مع زميله في أن الزيارة تحمل رسالة طمأنة للعراق من جانب ولدول المنطقة من جانب آخر، خاصة فيما يتعلق بأمور أمنية واستراتيجية مع بقاء قوات أميركية بالعراق.
عين على الصين
في وقت سابق، أدلى قادة وباحثون أميركيون بتصريحات تظهر قلق واشنطن من تنامي دور الصين في دول المنطقة، ومن بينها العراق.
نقلت وكالات أنباء عن جنرال مشاة البحرية الأميركية المتقاعد فرانك ماكنزي، الذي سبق وترأس قوات بلاده في الشرق الأوسط، أن المنطقة مهمة للولايات المتحدة جزئيا بسبب دور الصين المتنامي، معتبرا أن جولة أوستن "مثال ممتاز لفرصة مواصلة إبلاغ الناس في المنطقة أنهم ما زالوا مهمين بالنسبة إلينا".
أبرم العراق اتفاقيات لمشاريع ثقيلة مع الصين في مجالات النفط والإنشاءات وتحلية المياه والكهرباء والترفيه، كما أعلنت بغداد نهاية فبراير أن البنك المركزي يعتزم تنظيم تمويل التجارة الخارجية من الصين مباشرة بعملة اليوان الصيني.
من الغزو إلى المشورة
تتسم علاقات واشنطن وبغداد بالقوة، خاصة في المجال العسكري، حيث تطورت صفة وجود القوات الأميركية في العراق من صفة الغزو بداية من عام 2003، إلى صفة "الدور الاستشاري والتدريبي"، عبر عدة مراحل:
• في ديسمبر 2021، أعلن الجيش الأميركي إنهاء مهامه القتالية في العراق، خاصة مع تزايد الضغوط على الحكومة العراقية بشأن دور القوات الأميركية.
• من ذلك الوقت، تغيرت مهام القوات المتبقية بالعراق ليقتصر دورها على مهمة المشورة وتدريب القوات العراقية على مكافحة داعش.
• وصل عدد القوات الأميركية في العراق إلى 160 ألف جندي في 2008، وتدريجيا انخفض إلى 2500 جندي.