غادرت مجموعة من مقاتلي "جبهة التغيير والوفاق" (فاكت) التشادية المتمردة، الأراضي الليبية عائدين إلى بلدهم؛ استجابة لـ"دعوات المصالحة والحوار الوطني الشامل"، حسب بيان السلطات التشادية.

قال قائد الحركة عثمان محمد طار، إن عودته من ليبيا "تهدف إلى توطيد السلام والأمن والتعايش والاستقرار في تشاد"، داعيا المتمرِّدين الآخرين لإلقاء أسلحتهم والانخراط في عملية المصالحة الوطنية الجارية لبناء تشاد موحّدة ومتكافئة، كما ورد في وسائل إعلام محلية.

آلية إخراج المرتزقة

تأتي تلك الخطوة كذلك كأحد ثمار لآلية إخراج المرتزقة التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات القاهرة 8 فبراير الماضي، بين اللجنة العسكرية المشتركة الليبية "5+5" وممثلين عن السودان وتشاد والنيجر، بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا، عبدالله باثيلي.

حينها، وافقت اللجنة وممثلو الدول الثلاث على إنشاء آلية للتنسيق المشترك وتبادل البيانات؛ لتسهيل الانسحاب الكامل للمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، دون التأثير سلبا على دول الجوار.

في يناير الماضي، نقلت وسائل إعلام عن حركة "اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية" المسلحة، أنها بدأت الانسحاب من مدينة سبها في جنوب ليبيا باتجاه تشاد، على خلفية اتفاق للمصالحة موقع بين الأطراف التشادية.

صراعات متداخلة

في الوقت الذي تعيش فيه ليبيا أزمة سياسية وأمنية مزمنة منذ عام 2011، لم تكن جارتها الجنوبية تشاد في حال أفضل، حيث الاحتراب الأهلي والاقتتال بين السلطات وحركات التمرد المسلح، والذي وصل إلى ذروته بمقتل الرئيس السابق إدريس ديبي في 23 أبريل 2021.

انعكست هذه الفوضى المسلحة في كل من ليبيا وتشاد على البلدين، بأن صبّت تلك الفوضى نيرانها في أراضي البلد الآخر.

توضيحا، يقول المحلل السياسي التشادي علي موسى، إن ليبيا صارت مأوى للحركات المسلحة التشادية التي لجأ بعضها إلى هناك؛ ليتخذ أراضيها مكانا للتدريب والاختباء ثم الانطلاق في شن هجمات على تشاد المجاورة.

لم يقتصر خطر هذه الحركات على تشاد، لكنها انخرطت كذلك في الصراع المسلح الدائر داخل ليبيا، واستفادت منه في تعزيز قدراتها المسلحة والحصول على التمويل، وإنشاء القواعد التي تتجمع بداخلها وتجهز فيها عملياتها، خاصة في جنوب ليبيا.

"فاكت" والقتال ضد الجيش

وفقا لتقرير فريق الخبراء المعني بليبيا، التابع للأمم المتحدة، المؤرخ في يونيو 2017، ثبت تورط جبهة "فاكت" مع المجموعات المسلحة والمليشيات في مدينة مصراتة، غربي ليبيا، خلال القتال في مدينة سرت ضد الجيش الوطني الليبي، كما كانت حاضرة خلال المواجهات ضد الجيش كذلك عام 2020 في نطاق الساحل الغربي.

إدراكا لخطرها، استهدف الجيش الليبي، منذ عام 2016، قواعد تلك الحركة في ليبيا في عمليات مستمرة، أحدثها التي جرت في 9 يونيو الماضي، حين قصفت مدفعية الجيش مواقعها جنوب مدينة القطرون القريبة من الحدود مع تشاد، وبالتحديد في نطاق واحة تجرهي، حيث كانت لديها تمركزات كبيرة.

خطر يعم غرب إفريقيا

لم يعد خطر المرتزقة التشاديين مهددا لتشاد وليبيا حسب، بل انساب سريعا للدول المجاورة ليشمل دول الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا أجمعها، مصحوبا بتمدد تنظيمات إرهابية، على رأسها داعش، وفق الباحث السياسي الليبي محمد قشوط.

تسببت أنشطة تلك الحركات المسلحة في زيادة حركة بيع الأسلحة والذخائر وجرائم التهريب، إضافة لزيادة معدل الهجمات على القوات الحكومية والسكان؛ وهو ما يراه قشوط خطرا وجوديا على بعض البلاد، خاصة ذات البنية الأمنية والتحتية الهشة.

أخبار ذات صلة

الاتحاد الإفريقي:سننظم مؤتمرا بشأن المصالحة الوطنية في ليبيا
المبعوث الأممي يشيد بجهود مصر في دعم إحلال السلام والاستقرار