إنها ليست مجرد حبر على ورق، بل تاريخ لأفكار أنارت طريق آلاف الباحثين العرب والمسلمين على مر العصور، إنها المخطوطات العراقية المحفوظة في دار الكتب والمخطوطات في بغداد.
وقالت مها فؤاد، مدير قسم الوثائق في الدار: لدينا أقدم السجلات العثمانية جميعها بالتاريخ الهجري، أقدم سجل عثماني لدينا في عام١٢١٤ هجرية مواضيعه مختلفة حسابات دعاوى طلاق زواج حسابات عثمانية قديمة محفوظة في صناديق، كل صندوق مثبت عليه أرقام متسلسلة وذلك لكي تسهل علينا الوصول إلى الملفات".
رغم عقود من الحروب وتعرض آثارالعراق للنهب، نجت مجموعة دار المخطوطات من الضرر، حتى عندما تعرض المتحف الوطني للنهب إثر الفوضى التي اجتاحت العراق بعد عام 2003 .
لكن العديد من هذه المخطوطات أصابها التلف إثر تعرضها للرطوبة بعد نقلها إلى مواقع بديلة خوفا عليها من الوقوع في أيدي مهربي الآثار.
تحفظ الدار 47 ألفا من المخطوطات تمثل تنوعا ثقافيا هائلا، كما هناك عدد كبير من الرقع الخطية واللوحات المكتوبة بأيدي كبار الخطاطين العرب و الأجانب.
وبدعم من خبرات أوروبية، شرعت دار المخطوطات العراقية في مهمة ترميم هذه المخطوطات التي تعود لقرون خلت.
تبدأ عملية الترميم بالتعقيم بوضع الوثائق 48 ساعة في الكحول، بعد ذلك يرقم الملف بقلم الرصاص، لتأتي مراحل متعددة أخرى.
وقالت ناهد فاضل،مديرة مركز حفظ الوثائق: التنظيف المائي يشمل الماء العادي والماء القاعدي لغرض إخراج الحموضة الموجودة فيها وبالتالي تحصل الورقة على الملح القاعدي الذي يحافظ على ديمومتها لمدة أطول".
وأضافت: جهاز العجينة هو عبارة عن عجينة نخلط معها مياه وقبل غسلها بالماء نقوم بتنظيفها بالمادة الصمغية ترمم بها الورقة وتعود إلى طبيعتها الخطوة الثالثة هي الترميم باليد حاليا أكثر عملنا ترميم يدوي المواد المستخدمة بالترميم هي مواد الورق الياباني طبعا هذا غير متوفر في العراق يتم استيراده من الخارج مع صمغ التيلوزا وهذا عبارة عن باودر بعد الترميم يعاد السجل مرة أخرى حسب الصفحات التي قمنا بترقيمها.
إعادة الروح لهذه النفائس لا تشتمل على عملية الترميم فقط، بل وتشمل التحويل الرقمي للمجموعة الواسعة من المخطوطات لدى الدار التي تحفظ مخطوطات باللغات العربية والفارسية والتركية والعبرية والكردية والإنكليزية.
ويعمل في دار المخطوطات أيضا مترجمون أَكْفَاء يصلون نهارهم بليلهم في العمل من أجل ترجمة الوثائق اللغات المختلفة لتصل الباحثين بطريقة سهلة وسلسلة.
وقالت عبير راضي، عاملة وحدة الترجمة: "وحدة الترجمة تعنى بأرشفة الوثائق باللغة الإنكليزية وهذه الوثائق تعود إلى عهد الاحتلال البريطاني وكذلك العهد الملكي ".
وأضافت: أقوم بقراءة الملف بتمعن واستخرج منها المعلومات التاريخية المهمة هذه المعلومات جميعها الخصها بشكل مبسط، بعدها أقوم بعمل عناوين لها لكي يصل الباحث بسهولة إلى هذا الملف وهذه المعلومات مثلا معلومات عن العشائر عن الألوية عن النزاعات عن الرعايا الأجانب الذين كانوا في تلك الفترة أي كل ما يدور في البلد في تلك الحقبة وبذلك العهد"
من بين محتويات دار المخطوطات، رقع خطية تعود إلى القرن الأول للهجرة (السابع الميلادي) كتبت بالخط الكوفي القديم غير المنقط، قبل صناعة الورق، إضافة إلى مجموعة من المخطوطات المكتوبة على ورق صنع في بغداد يعود بعضه إلى ألف عام أو يزيد، أي لبدايات العصر العباسي .
ومن خلال جولة واحدة في سوق السراي وشارع المتنبي في قلب بغداد، يمكن للقارئ أن يشعر بأهمية الحفاظ على المخطوطات الثمينة، المخطوطات ألفت منها ملايين الكتب التي حولت هذه الأماكن إلى أسواق ثقافية تعدت في أهميتها الحبر والورق والجدران التي حفظت في داخلها لتكون عبقا من الماضي يحمل إرث حضارة عتيدة شع نورها في أرجاء المعمورة إنها الحضارة الإسلامية.