يحتد الجدل منذ أسابيع في العراق حول الحملة التي أطلقتها الحكومة، ضد صناع "المحتوى الهابط" في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تبعتها استجوابات واعتقالات لعدد منهم.
وفي إطار توسيع حملتها، كشفت الداخلية العراقية، عن مسابقة شهرية لتشجيع صناع المحتوى الإيجابي، وذلك عبر اختيارها موضوعا معينا كل شهر.
وقالت الداخلية في بيان:
- تود وفي إطار حرصها على تشجيع أصحاب المحتوى الإعلامي والفني الإيجابي من الفنانين والإعلاميين والمعنيين وعامة مواطنينا الكرام، أن تعلن عن مسابقة شهرية لصناع هذا المحتوى.
- يتلخص المحتوى في تجسيد فكرة عامة لصاحب المحتوى على شكل (فيلم) لا يتجاوز الدقيقتين أو أي محتوى آخر يرونه مناسبا لدعم عمل وزارة الداخلية وسعيها لتعزيز الاستقرار الأمني والسلم المجتمعي.
- ستكون مسابقة هذا الشهر هي لمكافحة جرائم المخدرات حصرا، وستكون هناك جوائز مالية للفائزين الثلاثة الأوائل يقدمها وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وكما يأتي:
- الفائز الأول: جائزة مالية قدرها 3 ملايين دينار.
- الفائز الثاني: جائزة مالية قدرها مليونا دينار.
- الفائز الثالث: جائزة مالية قدرها مليون دينار.
بين قبول ورفض
لاقت الحملة ترحيبا حارا من قبل الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالعراق، وخاصة من قبل أولياء الأمور، معتبرين تشكيل هذه اللجنة خطوة ضرورية لحماية المجتمع من تصاعد كمية المحتوى المؤذي والخادش للحياء، الذي يتم بثه على مدار الساعة، ويلقى رواجا أكبر بين أفراد الفئات العمرية الصغيرة واليافعة، مما يرتد سلبا على تحصيلهم العلمي واستقرارهم الأخلاقي والنفسي والعاطفي.
وفي المقابل، رفض آخرون وبشدة تشكيل اللجنة، معتبرين الأمر مساسا بالحريات، وقالوا إن فرض الرقابة أصبح غير مجد في عصر تدفق المعلومات وتداولها بلا حدود حول العالم.
وتساءل آخرون عن آليات ومعايير تحديد المحتوى الهابط من الإيجابي، والتي هي وفقهم مطاطة ولا تخضع لنصوص قانونية صريحة وملزمة.
وتعليقا على الموضوع، قال الباحث والخبير القانوني الدكتور محمد السامرائي، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "يجب أن تمارس الجهات الرقابية على المحتوى المتداول في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، دورين مهمين يتمثل الأول بمنع ومحاسبة أصحاب المحتوى الذي يمس كرامة الأسرة والمجتمع من جهة، مع ضرورة تحديد مفهوم المحتوى الهابط أو غير المناسب بشكل دقيق، وفي إطار قانوني واضح ومنع المغالاة والشطط في ذلك، والتوسع في تطبيق الإجراءات القانونية لتلافي المس بالحريات".
وأضاف السامرائي: "كذلك على الجهات الرقابية ممارسة دور إيجابي في مجال التشجيع على نشر المحتوى الهادف اجتماعيا وثقافيا، بالشكل الذي يعزز الثقافة المجتمعية التي تتناسب مع الذوق العام".
وتابع: "بذلك يعد تشجيع وزارة الداخلية على ذلك ومنحها مكافآت لأصحاب المحتوى الهادف والإيجابي، خطوة بالاتجاه الصحيح، مع الأخذ بالاعتبار الأهمية القصوى لوضع إطار قانوني واضح لمفهوم المحتوى الهابط، وبموجب نصوص وتعاريف قانونية تشريعية، وليس وفق تعليمات لا ترقى لمستوى القانون، لأن الموضوع قانوني يتعلق بالتجريم والعقاب، تطبيقا للقاعدة القانونية (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، كي تتفق الإجراءات المتخذة من قبل وزارة الداخلية والجهات القضائية مع أحكام القانون والدستور".
واختتم قائلا: "كي لا تكون حملة محاربة ومكافحة المحتوى الهابط أداة لقمع الحريات التي كفلها الدستور والقوانين النافذة، كون المسألة قانونية بحتة، يجب أن لا تترك للمزاج والاجتهاد الشخصي، الذي قد يتعارض أحيانا مع أحكام الدستور والقانون. على الحكومة المبادرة بطرح مشروع تعديل قانون العقوبات، لإضافة نصوص واضحة تتعلق بتجريم ومعاقبة الجريمة المرتكبة بوسائل إلكترونية تخص جرائم المحتوى، بل والأجدر هنا تشريع قانون الجرائم الإلكترونية الذي طال انتظاره، من قبل مجلس النواب وفقا للدستور والاختصاص الوظيفي التشريعي للبرلمان".
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد شكلت مطلع العام الجاري هيئة خاصة لمتابعة المحتوى المنشور في شبكات التواصل.
وأفادت الوزارة في بيان: "تم تشكيل لجنة لمتابعة المحتويات في مواقع التواصل ومعالجة الهابط منها وتقديم صانعيها للعدالة"، موضحة أن "القضاء دعم مقترحات الأجهزة الأمنية حول ملف المحتوى في السوشيال ميديا".
وبموازاة ذلك الإعلان أطلقت الداخلية العراقية آلية لتلقي البلاغات حول الموضوع تحت مسمى خدمة "بلّغ"، وهي منصة إلكترونية خاصة بالإبلاغ عن المحتوى الإعلامي المنشورة في مواقع التواصل، وتتضمن القائمة:
- إساءة للذوق العام.
- تحمل رسائل سلبية تخدش الحياء.
- تزعزع الاستقرار المجتمعي.