حذر مسح ميداني أجري في طرابلس شمالي لبنان من أن ثمانية عشر مبنى متعدد الطوابق يمكن أن ينهار في أي لحظة نتيجة عيوب في البناء وتصدعات في جدرانها. وأضاف التقرير ذاته أن أكثر من أربعمئة مبنى آخر يحتاج لمعالجة سريعة لتجنيب قاطنيها خطر انهيارها على رؤوسهم.
ويرفض سكان هذه المباني مغادرتها لعدم وجود مساكن بديلة تؤويهم. تسند الأرض بعصا تحمل بعضا من جسدها وهي التي لا تجد من يدعّم سقف منزلها.
أم محمود التي تقطن في حارة البركة في منطقة البداوي بطرابلس، تعلم كما مئات العائلات، إنهم يقطنون مبان قد تنهار، ولا يملكون خيار الهرب من موت محتمل.
يقول نهاد وهو أحد ساكني هذه المباني: "مجبر على العيش هنا ليس لدي ما أفعله.. هذه العمارات قديمة جدا لكن ليست لدينا أي مكان نذهب إليه".
ويضيف نهاد لـ"سكاي نيوز عربية": "أسعار الإيجار غالية تصل أدناها 200 دورلار وهذا مبلغ لأستطيع تأمينه شهريا".
هي مدينة تاريخية. يمتد عمر عمرانها الى ما قبل عهد المماليك.. فوق هذه الأسواق شيد سكان المدينة ابنية تستر فقرهم لكنها لا تراعي شروط السلامة العامة.
يوضح صفوان شهال، رئيس فرع المهندسين المدنيين في نقابة المهندسين: "المباني عندها مشكال منذ النشأة كالماء والكهرباء وكلها كانت تأثر على متانة المبانى".
ويضيف المهندس للبناني لـ"ـسكاي نيوز عربية": "الزلزال فضح المستور.. أحدث تصدعات في المباني المهترئة في الأصل وكشف العيوب بشكل أوسع".
كشفت الهزات الأرضية الأخيرة هشاشة المباني المتلاصقة، فتشققت الجدران وانقسمت واجهات الأبنية، وباتت حياة سكانها في مهب سقوط حر فوق رؤوس القاطنين او المارة و لا يحتاج إلى هزات تحرك الصدوع. إنها مبان معلقة في الهواء.
تروى أم فادي، سيدة تقطن أحد الأبنية المتصدعة، معاناتها مع السكن في المنطقة قائلة: "الجدران تصدر من حين لآخر أصواتا مرعبة تجبرنا في كل مرة على الهرب خوفا من أن يتهاوى المبنى علينا".
في المسح الأولي الذي تقوم به السلطات المحلية، تبين أن 18 مبنى مهدد بالسقوط، في حين أن أكثر من 400 مبنى آخر قد تسقط إن لم تتخذ إجراءات المعالجة الفورية.
مئات المباني في خطر للسقوط وتعرض سكانها لخطر الموت.. تلك حقيقة تعلمها جيدا السلطات الحكومية والمحلية.
رغم ذلك، ها هم الأهالي متروكون يواجهون خطر الموت وحدهم في اوضح صورة عن معادلة انفصام الدولة والشعب، حتى في اللحظات المصيرية.