جددت عائلات المعتقلين المغاربة في سوريا والعراق دعواتها للسماح بإجلاء أبنائها المسجونين هناك ومحاكمتهم داخل المملكة.
وتعتزم "تنسيقية عائلات المغاربة العالقين والمعتقلين بسوريا والعراق" تنظيم وقفة احتجاجية، الخميس، أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الرباط، للمطالبة بترحيل المسجونين في سوريا والعراق والتحسيس بالأوضاع الصعبة التي يعيشونها خلف القضبان.
ودعت التنسيقية في بيان إلى "طي هذا الملف وإيجاد حل لهذه القضية الإنسانية"، مشيرة إلى أن المغاربة المعتقلين والعالقين في سوريا والعراق "يعيشون ظروف مأساوية وقاسية وأوضاع جد خطيرة".
وكان تقرير برلماني مغربي قد كشف عن وجود 250 مقاتلا مغربيا معتقلا في سوريا والعراق، من بين 1659 شخصا غادروا البلاد منذ عام 2011 للالتحاق بتنظيمات متطرفة في بؤر التوتر في كل من سوريا والعراق.
وتبنى المغرب في سنة 2015 قانونا ينص على عقوبات تتراوح بين 10 و15 سنة سجنا في حق المتطرفين المغاربة العائدين من بؤر التوتر.
مطلب العودة والإدماج
ويؤكد أهالي المغاربة العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق أن الوقفة الاحتجاجية التي تنظم تحت شعار "إلى متى الانتظار.. أبناؤنا في خطر" تأتي للتحسيس بالأوضاع "الصعبة والخطيرة" التي يعيشها أبناؤهم هناك سواء داخل السجون أو في المخيمات.
وقالت "تنسيقية العائلات"، في بيان، إنه "طال انتظارنا دون جديد يذكر سوى مضاعفة الآلام والجراح آخرها الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة وغياب أي أخبار عن أبنائنا هناك".
وأشارت التنسيقية إلى ما وصفته بعملية "انتزاع الأطفال من أمهاتهم داخل المخيمات وإرسالهم لمراكز احتجاز وبعدها للسجون مختلطين مع بالغين من شتى الجنسيات والمعتقدات".
ويقول رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، عبد العزيز البقالي، إن هذه الوقفة التي ستنظم أمام وزارة الخارجية "تأتي للفت انتباه الجهات المعنية للمعاناة التي يعيشها المحتجزون المغاربة في سوريا والعراق".
ويشدد البقالي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" على أنه "بات من الضروري التسريع بحل هذا الملف وترحيل المعتقلين خاصة النساء والأطفال الذين يحرمون من أبسط الحقوق وعلى رأسها الحق في التعليم".
وأبدى المتحدث قلقه من وضعية الأطفال في المخيمات، مشيرا أنه يتم فصلهم عن أمهاتهم ونقلهم إلى السجون وسط المتابعين في قضايا الإرهاب والتطرف.
ويشير البقالي إلى "غياب التواصل بين الأهالي وأبنائهم من المعتقلين والمحتجزين خاصة في سوريا والذين يعيشون أوضاعا مزرية"، مشددا على أن العائلات لا تمانع في محاكمة أبنائها فور عودتهم إلى المغرب مع دراسة كل ملف على حدة، إلى جانب تقديم الدعم والرعاية النفسية للأطفال والنساء وإعادة إدماجهم داخل المجتمع.
من جهة أخرى، يلفت المتحدث إلى أن افتتاح الرباط سفارة لها في بغداد مؤخرا قد "أحيى الآمال في صفوف الأهالي من أجل حل ملف المغاربة القابعين في السجون العراقية".
تحديات أمنية
وعلى غرار العديد من الدول، يعبر المغرب عن قلقه من عودة المقاتلين المغاربة في صفوف التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر بسوريا والعراق ومنطقة الساحل، حيث تصطدم هذه العملية بعدة صعوبات.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في الشؤون الأمنية إحسان الحافيظي، إن التعاطي المغربي مع ملف المقاتلين من جنسيات مغربية في صفوف الجماعات الإرهابية لا يختلف كثيرا عن النموذج الذي تتبعه عدد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا والمتمثل في التأكد من صحة تخليهم عن الفكر الإرهابي قبل القبول بعودتهم إلى بلدانهم الأصلية.
ويعتبر الحافيظي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "هذا الملف يحمل الكثير من التهديدات الأمنية كون المغرب كان دائما ضمن أولويات أجندة الجماعات الإرهابية، وهو المعطى الذي يرجح فرضية تعاطي السلطات الأمنية المغربية مع ملف عودة مقاتلي داعش بوصفه ملفا أمنيا وليس اجتماعيا".
ويشير إلى أن المملكة كانت قد بادرت إلى اعتماد تشريعات متقدمة تروم محاصرة ظاهرة الالتحاق بساحات القتال في صفوف تنظيمات إرهابية ومتابعة كل من ثبت تنقله أو محاولة تنقله إلى بؤر التوتر للقتال في صفوف الإرهابيين وكذلك التحريض أو الدعوة والإشادة بأعمال إرهابية".
متابعة الأوضاع
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أكدت أنها تتابع أوضاع المواطنين المغاربة المحتجزين بالمخيمات في سوريا والعراق ولدى الأكراد.
وأكدت الوزارة في تقرير أصدرته شهر نوفمبر الماضي، أن عدد المحتجزين المغاربة في تلك المناطق يبلغ 277 شخصا موزعين على 65 رجلا و33 امرأة، إلى جانب 182 طفلا.
وحسب المصدر ذاته، فإن عودة المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية سواء في سوريا أو العراق أو منطقة الساحل تعتبر أحد أهم التحديات التي تواجهها المملكة.
وكشفت الوزارة أن المقاتلين لدى التنظيمات الإرهابية يسعون إلى التسلل إلى بلدانهم الأصلية بهدف تنفيذ عمليات إرهابية، مشيرة إلى عودة 117 شخصا من المنطقة السورية العراقية خلال سنة 2022.