لمدة ثلاثة أشهر، سعت المغربية غزلان مرزوكي لحجز موعد حتى تقدم طلب تأشيرة "شينغن" لدخول دول الإتحاد الأوروبي، لكن دون جدوى.

صعوبة هذه العملية اضطرت الشابة لـ"شراء" موعد من أحد الوسطاء الذين يعرضون خدماتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 800 و2000 درهم (بين 80 و 200 دولار) ويحدد حسب العرض والطلب.

تقول غزلان لـ"سكاي نيوز عربية" "سبق لي الحصول على تأشيرة شينغن في أربع مناسبات من المصالح القنصلية الفرنسية والإسبانية بعد تقديم لائحة طويلة من الوثائق، غير أن الحصول عليها اليوم يبدو مستعصيا".

وتضيف غزلان "أخشى أن يلقى ملفي نفس المصير الذي طال ملفات كثيرة قدم أصحابها كل الضمانات المطلوبة إلى جانب تأديتهم مصاريف تصل أحيانا إلى 3 آلاف (300 دولار) دون حق في استرجعها بالرغم من رفض طلباتهم التي تتطلب دراسته ما لا يقل عن شهرين".

وتتخوف غزلان من عدم القدرة على استخراج التأشيرة الأوروبية على غرار آلاف المغاربة الذين رفضت سلطات باريس منحهم التأشيرة تطبيقا لقرار اتخذته الأخيرة في عام 2021 يقضي بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المنحدرين من المغرب والجزائر وتونس.

وكانت السلطات الفرنسية قد عزت هذا القرار الذي استثنى فيما بعد مواطني تونس والجزائر إلى رفض هذه الدول استقبال مهاجرين مرحلين من فرنسا.

إجراءات معقدة

وعبرت مجموعة من المنظمات والجمعيات المدنية المغربية، هذا الأسبوع، عن استنكارها ورفضها ما وصفته بالوضع "المهين" الذي يتعرض له المغاربة من طالبي التأشيرات لدى السلطات الفرنسية.

وأكدت المنظمات في بيان لها، أنه رغم تصريحات وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، حول انتهاء أزمة التأشيرات مع الرباط، إلا أن قرار تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة بـ 50 في المائة لم يتم تغيره.

واعتبرت المنظمات أن "تضخم وتعقيد الإجراءات، وتعدد الفئات والفئات الفرعية المنظمة للعملية يثقل عبئ مسطرة إجراءات طلب التأشيرة، ويجعلها قديمة وقابلة للاحتيال والتلاعب من أعوان شركة المناولة أثناء معالجة وفحص الطلبات".

وأشار المصدر ذاته إلى أن آجال الحصول على موعد التأشيرة لا تنتهي، وتفتح الباب واسعا أمام السماسرة الذين يعملون على حجز مواعيد قبل توفرها مقابل مبالغ مالية كبيرة، إلى جانب كون معايير الر فض غير مبررة بشكل كاف.

وطالبت الجمعيات الموقعة على البيان، السلطات الفرنسية والدول الأوروبية بإعادة النظر فيما وصفته بالإجراءات "المخزية".

المس بحق التنقل

وتواصل أزمة التأشيرات بين الرباط وباريس إثارة الجدل في المغرب، بسبب استمرار رفض فرنسا عدد من طلبات الحصول على التأشيرة، فضلا عن مواجهة صعوبات في حجز مواعيد لدى مراكز التأشيرات الخاصة ببلدان أوروبية أخرى.

يعتبر رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عادل تشيكيطو، أن تقليص السلطات الفرنسية عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة يتخذ أبعادا سياسية، ويندرج ضمن الممارسات والخروق التمييزية التي تمس بحقوق أساسية للإنسان؛ في مقدمتها الحق في التنقل الذي تنص عليه التشريعات الدولية.

وأكد تشيكيطو في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الإجراءات التقييدية من أجل الحصول على التأشيرة الأوروبية أدت إلى تعطيل مصالح الآلاف من المغاربة وفئات عدة تشمل طلابا ورجال أعمال وباحثين عن العلاج ومواطنين اعتادوا زيارة أوروبا منذ سنوات طويلة.

ويضيف المتحدث أن الجمعيات الحقوقية توصلت بمئات الشكايات من قبل مواطنين لم يتمكنوا من الحصول على تأشيرة الدخول الى دول أوروبية  رغم اكتمال ملفهم ولأسباب غير مبررة.

التلاعب في المواعيد

 فتحت صعوبة الحصول على مواعيد طلب التأشيرة، الباب أمام الوسطاء الذين باتوا يسارعون لحجز مواعيد فور طرحها على مواقع مراكز تأشيرات منطقة شينغن، من أجل إعادة بيعها لطالبي التأشيرات المغاربة.

تقول النائبة البرلمانية عن حزب الحركة الشعبية، عزيزة بوجريدة، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن صعوبة الحصول على تأشيرة فرنسا اضطر العديد من المواطنين إلى التوجه صوب مصالح القنصلية الإسبانية ليجدوا أنفسهم في مواجهة سماسرة يعرضون خدماتهم مقابل مبالغ مالية.

وتتابع البرلمانية التي سبق لها أن أثارت هذا الموضوع داخل البرلمان أن عددا من المواطنين أصبحوا مضطرين إلى دفع تكاليف حجز الموعد، إضافة إلى رسوم التأشيرة.

بدوره لفت عادل تشيكيطو إلى اشتراط القنصليات الأوربية، دفع رسوم عند تقديم الطلب دون الحق في استرجاعها في حالة رفض الطلب، إلى جانب أداء تكلفة حجز الموعد من قبل الوسطاء المنتشرين في محيط المراكز المكلفة باستلام طلبات التأشيرات.

وتدعو النائبة البرلمانية إلى ضرورة العمل على إنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن ومنح التأشيرة للمواطنين الذين يستوفون الشروط ويقدمون الضمانات المطلوبة، والضرب بيد من حديد على من كل تبث تلاعبه في عملية حجز المواعيد.

أخبار ذات صلة

فرنسا تعلن انتهاء أزمة التأشيرات مع المغرب
ملفات شائكة تطغى على زيارة ماكرون إلى الرباط