تواجه الحكومة الاتحادية في العراق أزمة جديدة مع حكومة إقليم كردستان، بشأن رواتب موظفي الإقليم، يُخشى معها خروج احتجاجات ووقوع اضطرابات أمنية.
وتصاعد التوتر مع قرار المحكمة الاتحادية العليا بمنع تحويل الرواتب لموظفي كردستان، بناءً على دعوى من مصطفى سند، النائب عن البصرة، والمقرّب من قوى "الإطار التنسيقي" المسيطرة على البرلمان.
وتضمّن القرار إلغاء جميع قرارات الحكومة بتحويل الأموال إلى كردستان، وأرجعت قرارها إلى التزامها بالمصلحة للعليا للوطن، وأنه لا يستهدف فئة بعينها.
ويأتي هذا على خلفية أزمة قديمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم الغني بالنفط، حيث تمّ اتفاق بشأن تحويل موارد النفط بالإقليم لبغداد، مقابل توليها دفع رواتب موظفي الإقليم، وثارت اتهامات بعدم التزام إدارة الإقليم بذلك.
صمت قديم
المحلل السياسي العراقي، الدكتور غازي فيصل حسين، رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، علّق على مسوغات المحكمة متسائلا:
- لماذا سكتت المحكمة الاتحادية خلال 20 عاما على تحويل المبالغ، سواء أكانت النسبة المقررة لإقليم كردستان أو رواتب الموظفين أو إجراءات مالية من الحكومة الاتحادية، إلى سلطات إقليم كردستان؟
- إذا كان هناك انتهاك للدستور والقانون خلال هذه الفترة بالفعل، فينبغي محاسبة جميع رؤساء الوزارات المتعاقبة منذ 2005 حتى يومنا هذا لتحويلهم الأموال دون وجود قاعدة أو سند قانوني ودستوري.
- يفترض اليوم دراسة الكيفية التي يتم بها تحويل رواتب الموظفين في إقليم كردستان كما تحوّل الرواتب إلى كل محافظات العراق.
- اتخاذ قرار بهذه الصورة القطعية دون محاسبة مَن انتهك الدستور وطبّق قاعدة غير دستورية، إذا ما أخذنا برأي المحكمة الدستورية، يظلم المواطن العراقي الكردي الذي يعمل في مؤسسات الدولة، والذي من المفترض أن يُمنح راتبه الشرعي المقرر قانونا وطبقا للنظام في العراق.
تداعيات القرار
القرار تداعياته لن تمسّ متطلبات الحياة اليومية لسكان الإقليم فقط، لكن ستنعكس على مشاعرهم إزاء المحكمة والحكومة الاتحاديتين، بل وعلى أمن كردستان، كما أوضح حسين:
- العلاقة مع المحكمة الاتحادية ستتوتر، ومن الممكن لهذه الأزمة أن تتسع، وتداعياتها الاقتصادية والسياسية خطيرة.
- الأكراد سينظرون نظرة سلبية تجاه هذا القرار، ومن الممكن أن يتطور الأمر لمواقف احتجاجية وتظاهرات من الموظفين والعاملين.
- هذه الاحتجاجات من الممكن أن تطال البيشمركة (القوات الكردية) التي تتولى أمن الإقليم، وحماية الحدود الوطنية، وهي تداعيات خطيرة ينبغي تجنبها قدر الإمكان.
تحذير كردي
الزعيم الكردي مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، سبق أن وجه انتقادات للقرار، قائلا: "مع الأسف مرة أخرى، أظهرت المحكمة الاتحادية موقفا عدوانيا ضد إقليم كردستان"، معتبرا أن ليس المقصود هنا المبلغ المالي "بل المشكلة تكمن في خرق المبادئ والحقوق.. الجميع يعلم أن مشاركتنا في ائتلاف إدارة الدولة كان على أساس برنامج واضح ومفصل، وأن إرسال الأموال للإقليم ضمن البرنامج".