تَشهد السلاسل الجبلية في الجزائر -على غرار جبال الشريعة وتيكجدة ومرتفعات سطيف والهضاب العاليا- حالة من الجفاف وغياب تام للثلوج وذلك على عكس السنوات الماضية حيث كانت الجبال الكبرى تتزين باللون الأبيض خلال شهري ديسمبر ويناير.

وقد بدأت ملامح الجفاف تتشكل بصورة واضحة في سماء فصل شتاء 2023 ما انعكس سلباً على منسوب المياه في السدود الكبرى.

وقد أظهرت التقارير الرسمية وصور الأقمار الصناعية تراجع كبير في منسوب المياه بالسدود. ولم تتجاوز نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني معدل 33 بالمئة، فيما وصلت النسبة في بعض السدود الكبرى إلى ما دون الـ10 بالمئة.

في الوقت الذي تقدر فيه النسبة الطبيعة لامتلاء السدود خلال النصف الأول من فصل الشتاء بحوالي 55 إلى 60 بالمئة.

وهو ما دفع بالمواطنين لمناشدة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف من أجل إقامة صلاة الاستسقاء عدة مرات عبر كامل التراب الوطني.

الذهب الأزرق يتبخر.. أغلق الصنبور وفر قطرة ماء!

 مخطط استعجالي وشرطة خاصة

ويبلغ معدل الإنتاج الوطني للمياه في الجزائر بحوالي 18 مليار متر مكعب. وتقدر وزارة المياه والأمن المائي في الجزائر معدل تسربات المياه المهدورة، بحوالي 50 بالمئة من الاستهلاك اليومي. وأمام هذه الوضعية الطبيعة وغياب ثقافة ترشيد استهلاك المياه، دقت الحكومة ناقوس الخطر.

وقد خصص الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، فصلاً كاملا لأزمة المياه وشح الأمطار، حيث تم رسم مخطط استعجالي استنفار مصالح الداخلية والموارد المائية والفلاحة والصناعة والبيئة، بهدف سنّ سياسة جديدة، لاقتصاد المياه الوطني، والحفاظ على الثروة المائية الجوفية.

وقررت الحكومة إعادة تحريك وبعث كلّ المشاريع المتوقفة، لمحطات تصفية المياه المستعملة، عبر الولايات، وإدخالها قيد الاستغلال، لاستخدامها في الري الفلاحي، عوض المياه الجوفية.

كما شملت القرارات تفعيل دور شرطة المياه، التي تختص في مراقبة مجالات استعمال المياه في كل المجالات ومحاربة التبذير، لمراقبة استغلال المياه، عبر الوطن، مع تسليط أقصى العقوبات، ضد المخالفين لقانون حفر الآبار.

وقال المدير العام للوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية محمد جرامشي : "إعادة تفعيل شرطة المياه أصبح أمرا ضروريا لضبط استغلال للمياه سواء كان في المنزل والزراعة".

أخبار ذات صلة

تحركات عاجلة في دول مغاربية لأجل احتواء "أزمة الماء"
التطرف المناخي.. بلاد "تتجمد" وأخرى "تحترق"

وحنين إلى الماضي الجميل..

ونشرت الصفحة الرسمية لمرصد الأرصاد الجوية صورة لتساقط الثلوج الكثيفة التي كانت تزين إحدى المدن الجزائرية في العقود الماضية.

وعنونت الصورة بـ"مشاهد من الماضي الجميل" وأشارت الصفحة إلى أن الأنظار تتجه إلى النصف الثاني من فصل الشتاء.

فرغم شح الأمطار إلا أن التفاؤل يبقى قائم بحسب مسؤولة الاتصالات بالمكتب الوطني للأرصاد الجوية موارية بن مرقطة .

وقال بن مرقطة : "من المبكر الحديث عن موجة جفاف، تأخر هطول الأمطار لن يستمر إلى وقت طويل".

ويسجل الديوان الوطني للأرصاد الجوية معدلات حرارة مرتفعة نسبياً في المناطق الشمالية، تتراوح ما بين 12 إلى 25 درجة على الولايات الساحلية وما بين7 و15 درجة على الولايات الداخلية.

ويؤكد خبير الأحوال الجوية الجزائري فرحات مختار أن العديد من ولايات الوطن لم تشهد هطولا للأمطار وفق المعدل الفصلي،مع غياب تام للثلوج على كامل التراب الوطني.

وقال فرحات لموقع سكاي نيوز عربية: "نسبة هطول الأمطار خلال شهري ديسمبر ويناير لم تتجاوز 20 بالمئة، وهذه المؤشرات سببها الاحتباس الحراري الذي حول شهر الشتاء في شمال أفريقيا من إلى أشهر مارس وأبريل ومايو".

وحسب الدراسات المناخية فإن نسبة هطول الأمطار الموسمية ستتواصل في التراجع لتصل إلى ما دون 20٪ بحلول عام 2030.

وقال الخبير الفلاحي عبد الغاني بن علي لموقع سكاي نيوز عربية: "لا يمكن الحديث عن التغييرات المناخية دون الحديث عن تداعياتها المباشرة على الفلاحة والزراعة".

حيث يخشى الفاعلين في مجال الفلاحة من أن يؤثر الأمر سالبا على الاحتياجات السنوية للبلاد من الغذاء التي تقدر بحوالي 150 مليون قنطار من الحبوب وأزيد من 60 مليون رأس غنم و5 ملايين رأس بقر.