أكد الاجتماع الوزاري للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر على تعزيز آفاق التعاون الثنائي بينهما في كافة المجالات، ورفض أي محاولة للتدخل في شؤون الدول العربية.

جاءت ذلك خلال الاجتماع الذي عقد بالعاصمة السعودية الرياض للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين على مستوى وزيري الخارجية، وذلك إعمالاً لأحكام مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة المتابعة والتشاور السياسي بينهما، الموقعة في القاهرة يوم 26 يونيو 2007.

واستعرض الجانبان خلال هذه الجولة العلاقات الثنائية بين البلدين على كافة الأصعدة، وأشادا بما تم تحقيقه بين الجانبين من تعاون وتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية بما يعزز أمن واستقرار البلدين، ويدعم مصالح الشعبين.

علاقات استراتيجية
وأكدت المشاورات توافق وجهات نظر ورؤى البلدين إزاء العديد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، بشكل أكد على عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، واتفاق إرادتهما السياسية الجادة على تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وفي بيان مشترك، أشاد الجانبان بالجهود المشتركة في إنجاح النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر في شرم الشيخ برئاسة سعودية مصرية مشتركة، بينما هنأ الجانب المصري نظيره السعودي على استضافة قمة جدة للأمن والتنمية في شهر يوليو 2022، وكذلك القمة العربية الصينية في ديسمبر 2022.

وعلى ضوء محورية دور الدولتين في محيطهما العربي والإقليمي، ناقش الجانبان الأوضاع في المنطقة، وشددا على أن الأمن العربي كلٌ لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي، لما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية.

رفض التدخل
وشدد البيان على رفض أية محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول أو ضرورات احترام حسن الجوار. واتفق الجانبان على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة بكافة أشكالها، كما استعرضا الجهود المبذولة من جانبهما في هذا الصدد.

كما أكد الجانبان على أهميةالقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، وأن الحل العادل والشامل لها يتطلب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأهمية التنسيق في هذا الملف مع القوى الإقليمية والدولية المهتمة بالشأن الفلسطيني.

وأعربا عن ترحيبهما بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من توافق وتوقيع على وثيقة الاتفاق الإطاري، وتطلعهما بأن تسهم هذه الخطوة في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، وشددا على أهمية دعم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، وذلك انطلاقاً من اقتناع راسخ بأن أمن واستقرار ورخاء السودان يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية في ظل التقارب الجغرافي بين البلدين والسودان.

ونوه الجانبان للأهمية التي يوليانها لدعم وتعزيز الجهود المشتركة لتدشين آليات التعاون الثلاثي مع الدول الأفريقية، خاصة في ظل وجود الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين للمضي قدماً في هذا المضمار.

معاهدة الانتشار النووي
واتفق الجانبان على ضرورة احترام إيران الكامل لالتزاماتها بمقتضى معاهدة الانتشار النووي وبما يحول دون امتلاكها للسلاح النووي والجهود الدولية لضمان ذلك، وضمان سلمية برنامج إيران النووي، ودعم الجهود العربية لحث إيران على الالتزام بالمبادئ الدولية لعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم المليشيات، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية.

وأدان الجانبان محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة في الخليج العربي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وأكدا على أهمية دعم وتعزيز التعاون المشترك لضمان حرية الملاحة بتلك الممرات البحرية المحورية، وضرورة التصدي لأية محاولات مماثلة باعتبارها تمثل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.

وأكّد الجانبان على دعمهما الكامل للجهود الأممية والدولية لتمديد الهدنة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن 2216 (2015).

وأثنى الجانب المصري على جهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار بين الأطراف اليمنية، ودعم تمديد الهدنة التي تأتي في سياق مبادرة المملكة المعلنة في مارس 2021م لإنهاء الأزمة في اليمن، ودورها في تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم الاقتصادي والمشاريع التنموية لليمن.

الأزمة الليبية
وأكدا الجانبان على دعمهما الحل الليبي الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة وعلى ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، ورفضهما لأي إملاءات خارجية على الأشقاء الليبيين.

وأكد الجانب السعودي على دعمه الكامل للأمن المائي المصري باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مع تضامنه التام مع كل ما تتخذه مصر من إجراءات لحماية أمنها القومي داعياً إثيوبيا لعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، والتحلي بالمسؤولية والإرادة السياسية اللازمتين للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة تنفيذاً للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021م بما يحقق أهداف التنمية لأثيوبيا ويحول دون وقوع ضرر ذي شأن على أي من مصر والسودان، وبما يعزز التعاون بين شعوب مصر والسودان وأثيوبيا.

مساندة العراق

وأكد الجانبان على أهمية مساندة العراق من أجل العودة لمكانته الطبيعية كأحد ركائز الاستقرار في منطقتنا العربية، وكذا دعمها في حربها على الإرهاب، بما في ذلك الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساته، ورفض كافة أشكال التدخل الخارجي في شؤون العراق، وضرورة الحفاظ على أمنه وسلامة حدوده، كما رحب الطرفان بانتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة جديدة، بما يفتح الباب أمام فرص العمل على إعادة بناء وإعمار العراق.

واتفق الطرفان على ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين والنازحين، والتوصل لحل سياسي للأزمة القائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، فضلاً عن دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية، كما تمت الإشارة إلى ضرورة المضي قدماً في العملية السياسية بمفاوضات سورية- سورية تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة لسوريا لوضع إطار لحل سياسي ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتردية. في هذا السياق، شدد البلدان على رفضهما لأي تهديدات بعمليات عسكرية تمس الأراضي السورية، وتروّع الشعب السوري.

وشدد الجانبان على أهمية أمن واستقرار لبنان، ودعوا القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والإسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبناني في الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي الذي يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة.