بعد مرور 3 سنوات، على أكبر أزمة إقتصادية، ومالية يعيشها لبنان، ما تزال الدولة اللبنانية والجهات المصرفية المعنية غير قادرة على اتخاذ أية خطوة، أو مبادرة لتسديد الديون المتراكمة على عاتقها الى أصحاب الحقوق من المواطنين المودعين .
وبات مشروع استرجاع الودائع، والوعود الوهمية التي تتردّد، "معزوفة يومية"، من دون أي نتيجة عملية تُذكر.
ويقول أحد كبار المودعين لموقع سكاي نيوز عربية "لو ذهبنا إلى أقصى الحدود، وأُفلست المصارف، مثلما يطالب ويُراهن البعض، فلن يُحصّل المودعون على أكثر من 10% من ودائعهم في البنوك، وهذ إن تم سيتم بعد دعاوى ومحاكم طويلة الأمد".
ويرى سمير صاحب سوبر ماركت ومودع بأحد البنوك أن الحل الوحيد لإسترجاع وديعته ووديعة غيره "يبقى تقنياً اليوم، ويتمثل فقط بإستعادة الدولة الدورة الإقتصادية، وجذب الإستثمارات الخارجية، واستقطاب الدولار ’الفريش‘ إلى السوق المحلية، وتنشيط الحركة والتبادل التجاري، وخصوصاً التصدير".
كيف ستعود الودائع وهل من أمل؟
يقول المحامي والخبير الدستوري بول مرقص في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "أطلقنا في مؤسسة JUSTICIA خطة استراتيجية اقتصادية متكاملة تتضمن مشروعاً انقاذياً للبلاد، وإنشاء صندوق وطني للإنقاذ من الأموال المتأتية من مكافحة الفساد ومن استثمار أصول الدولة المهملة"، وتشتمل الخطة على بنود كثيرة منها:
- إنشاء صندوق وطني سيادي للإنقاذ من الأموال المتأتية من مكافحة الفساد ومن استثمار أصول الدولة اللبنانية، وهذه الأصول تقدر بعشرات مليارات الدولارات ومنها الأرض المشاع (ملك الدولة) المتروكة والمهملة غير المستثمرة، وقطاع الكهرباء والمياه والهاتف دون بيع هذه القطاعات وبناء إدارة رشيدة واستثمارية لهذه الأصول.
- إصدار "قانون دستوري" لضمان الأموال النقدية التي تودع في المصارف.
ويوضح مرقص "في حال تم إنشاء هذا الصندوق سيكون هناك المجال لإعادة الودائع الى أصحابها".
وأضاف قائلا في حال تضمن الصندوق محفظة عقارية من العقارات المهملة المنسية والمعتدى عليها للدولة التي تقارب 60 الف عقار، وهي تعد من القطاعات الإنتاجية الخاسرة حالياً، ولكن حين توجد المحفظة من الممكن أن تتحول الى شركة رابحة بالشراكة مع القطاع الخاص".
ويضيف "هناك محفظة ثالثة هي محفظة الإمتيازات السيادية من النفط وغيره من التراخيص التي تعطيها الدولة للشركات دون بيع أصولها، حينها هناك أمل بإسترجاع الودائع المصرفية من قبل المودعين شرط أن يخضع هذا الصندوق للرقابة والشفافية التي تسمح بتشغيله وفق قواعد الادارة الرشيدة".
أين مكان الودائع المناسب؟
يرى الخبير في المخاطر المصرفية محمد فحيلي في حديث خاص لموقع سكاي نيوز عربية أن "استرجاع الودائع هو بمثابة حكم بالإعدام على المصارف التجارية".
ويقول فحيلي "عند مناقشة مشكلة الودائع، من الخطأ الحديث عن استرجاع الودائع، لأن مكان الودائع المناسب هو الحسابات المصرفية".
ويشير فحيلي الى أن الودائع أمنت التمويل المطلوب:
- لإعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية
- لامتلاك منازل وسيارات لعدد كبير من اللبنانيين
- للسفر والترفيه
- للنمو الاقتصادي
ويرى فحيلي أن "الحديث عن إسترجاع الودائع هو بمثابة الحديث عن اختناق اقتصادي".
ويتابع" الممر الإلزامي لانتظام العمل في القطاع المالي هو طمأنة المودعين على أموالهم والسماح لهم بإستعمال جزء منها وفق الحاجة وليس الرغبة لتمويل فواتير الإستهلاك والصحة والتعليم وغيرها من المصاريف الأساسية. "
ويختم"يجب العمل على تحويل زيارة المودع الى المصرف من "مصدر هم" إلى "مصدر إهتمام " داعياً الى "إعادة هيكلة المصارف وتأمين المال لدعم رأسمال المصارف لإعادة الثقة المفقودة بين المودع والمصرف".
ماذا تقول الارقام؟
يعلق رئيس جمعية المودعين حسن مغنية على السؤال المطروح بين الحلول والواقع فيقول "الوعود بإسترجاع الودائع هو كذب ممنهج طالما لم يتغير أي شيء في الطبقة السياسية الحاكمة التي تبث الأضاليل على الشعب اللبناني".
ويضيف "هذه الطبقة تعطي أبر مورفين (مخدر) للشعب وتلعب عند الحاجة على الوتر المذهبي والطائفي لمجتمع المودعين الكبير جداً ،ونلاحظ ذلك منه مسألة إقرار قانون الـ"كابيتال كونترول" في مجلس النواب أي منع تهريب أموال المودعين الى الخارج بقصد محاولة استرجاع المودعين لأموالهم لمن يكون حسابه في البنك ما دون مئة الف دولار خلال 8 سنوات".
ويتابع "بالنسبة لنا عدد المودعين كبير جداً يفوق مليون و400 ألف مودع ، والودائع انخفضت عشية 17 اكتوبر 2019 منذ بداية الازمة حتى اليوم من 164 مليار دولار الى 94 مليارا هي المطلوبات حالياً، ونحن كجمعيات للمودعين نشكل وسيلة رأي عام ضاغط حتى لا تموت القضية مع الوقت".