حذر مختصون من المخاطر التي تواجه آثار حضارة "كوش" في شمال السودان، والتي تعد واحدة من اقدم الحضارات في العالم؛ مشيرين إلى تعرض الكثير من المواقع الأثرية في المنطقة للتخريب بفعل عوامل بشرية وطبيعية.
وتقع الحضارة الكوشية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف عام في قلب منطقة النوبة الممتدة من شمال مدينة كرمة على طول نحو 500 كيلومترا جنوبا.
وكانت منطقة كوش من أقدم الحضارات العالمية التي عرفت نظام الحكم بشكله الحديث الحالي؛ وعرفت قبل 5 آلاف سنة بالدولة القوية؛ واشتهرت كمركز ثقافي وعسكري رئيسي في العالم.
ويعتقد على نطاق واسع أن المواقع الأثرية الحالية لحضارة كوش تضم آثارا لها أهمية تاريخية كبيرة، إضافة إلى ثروات ضخمة من الذهب والعاج والنحاس واللبان وخشب الأبنوس والفخار.
لكن التوسعات الزراعية والسكانية التي شهدتها المنطقة، خلال العقود الأخيرة، شكلت مهددا حقيقيا لآثار وثروات تقدر قيمتها الفعلية بمليارات الدولارات ويمكن أن تجعل من المنطقة إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم.
وتشير تقارير صادرة عن بعثات استكشاف عالمية إلى وجود العشرات من الألواح الأثرية عالية القيمة مدفونة تحت تلال الرمال الناجمة عن الزحف الصحراوي المتزايد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.
كنوز كبرى
- وفقا لباحث أميركي زار المنطقة فإن تلك الألواح تشتمل على كتابات يعتقد أن تتبعها يمكن أن يقود إلى تحول كبير في الاستكشافات المتعلقة بتاريخ الكتابة. كما غمرت الفيضانات والسيول التي تعاقبت على المنطقة عدة مرات خلال العقود السبع الماضية الكثير من المواقع الأثرية المهمة.
- إضافة إلى العوامل الطبيعية، يشكل الإنسان مصدر خطر كبير على الثروة الأثرية والتاريخية الضخمة التي تتمتع بها مناطق عديدة في شمال السودان.
- شهدت الفترة الأخيرة توسعا كبيرا في مجال التعدين عن الذهب الأمر الذي أضر كثيرا بالمواقع الأثرية التاريخية. وإضافة إلى التعدين، تأثرت المواقع التاريخية في شمال السودان بالتوسع السكاني والزراعي.
مخاطر
- يرى يحيى فضل، أستاذ التاريخ في الجامعات السودانية، أن تضافر العوامل الطبيعية والبشرية يشكل خطرا حقيقيا على آثار الحضارة الكوشية.
- أشار في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى "عوامل الطقس والزحف الصحراوي والتوسع السكاني والزراعي بالكثير من المواقع الأثرية المحيطة بمنطقة كرمة".
ويشدد فضل على ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات فنية وإدارية سريعة للحفاظ على هذه الحضارة التي تعد واحدة من أهم الحضارات الإنسانية في العالم.
قصور بشري
- في غضون ذلك، تشير حنان هجو، أستاذة علم الآثار في الجامعات السودانية، إلى قصور كبير في التعامل مع المهددات التي تواجه آثار الحضارة الكوشية بسبب عدم الاستقرار الإداري وعدم التوظيف الصحيح للموارد والمداخيل التي يفترض أن توجه نحو الحفاظ على تلك الآثار وترميمها؛ إضافة إلى غياب الوعي بأهمية الآثار مما يزيد من حالات التعدي على الآثار.
- وتقول هجو لموقع "سكاي نيوز عربية" إن بعض الآثار الكوشية تعرضت للسرقة والتهريب خلال الفترة الماضية؛ مشيرة إلى أن وقف عمليات التهريب إلى الخارج يتطلب تشديد الرقابة والإجراءات الأمنية.
- وتؤكد هجو ضرورة اهتمام الدولة بتطوير المناطق الأثرية والأخذ بالدراسات والتوصيات التي خرج بها العديد من الباحثين والخبراء خلال السنوات الماضية.
التهريب
- كشفت تقارير عن عمليات تهريب وسرقات كبيرة طالت العديد من التماثيل والأدوات الخاصة بالطقوس مثل المباخر وأواني الطعام والشراب المصنوعة من الفخار والمجوهرات وغيرها من القطع الأثرية القيمة.
وفي الواقع، ظلت منطقة كوش منذ آلاف السنين هدفا للمهتمين بالآثار سواء بطرق قانونية أو غير قانونية، لأنها تعد واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية في العالم.
ومنذ أن عرف الإنسان قيمة الآثار؛ تعرضت آثار منطقة كوش لعمليات سرقات ونقل ممنهجة شاركت فيها بعثات دولية وعصابات نهب بمشاركة أطراف محلية من خلال عمليات بحث وتنقيب جرت بطرق مدمرة طالت العديد من المواقع المهمة.