كثّف الاتحاد الإفريقي من تحركاته للتوسط بين الفرقاء الليبيين، بعدما ظل بعيدا لسنوات، مدفوعا بالعديد من الخبرات في حل النزاعات داخل القارة، وأيضا نظرا لوجود مبعوث للأمم المتحدة إلى هذه البلاد جاء للمرة الأولى من دولة إفريقية جنوب الصحراء.
خلال جولاته الأخيرة في المدن الليبية، ركز وزير خارجية الكونغو برازافيل جان كلود جاكوسو، على ثلاثة محاور، أولها "تعزيز المسار الدستوري عبر دعم مفاوضات رئاستي مجلسي النواب والدولة، ودعم جهود المصالحة الوطنية لتهيئة مناخ مناسب للانتخابات، والتأكيد أيضا على التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار مع محاولة تفعيل كل بنوده".
لقاءات مكثفة
جاكوسو، وهو ممثل رئيس اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي من أجل ليبيا، حرص على لقاء القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، كما سبق أن التقى خلال الشهور الماضية رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الحكومة المنتهية اللولاية عبد الحميد الدبيبة وغيرهم.
يسعى الاتحاد الإفريقي إلى تعزيز جهوده من أجل دعم التسوية السياسية السلمية، باعتبار الأهمية الاستراتيجية لليبيا، التي تعد حلقة الوصل بين القارة وأوروبا، كما أن استقرار ليبيا يسهم في استقرار دول الجوار مثل السودان وتشاد والنيجر، حسب أستاذ العلوم السياسية الليبي الدكتور يوسف الفارسي.
تهديدات أمنية
تتعرض إفريقيا لتهديدات أمنية خطيرة جراء التطورات في ليبيا، حيث إن الأوضاع بها تمس منطقة غرب المتوسط، ودول الساحل والصحراء بالأكمل، بحسب الفارسي.
وشدد على أن عدم الاستقرار السياسي والأمني وجمود مسارات التفاوض والانقسام المؤسسي دفع الاتحاد الإفريقي إلى تعزيز تحركاته.
وحول دفع الاتحاد الإفريقي نحو تحقيق المصالحة في ليبيا، أكد الفارسي صعوبة المهمة لأن الأمر يحتاج إلى تفاوض وحل مشكلات المهجرين، وهو موضوع يحتاج إلى فترة طويلة، مشددا على أن الأفضل هو التركيز على اعتماد قاعدة دستورية من أجل إجراء الانتخابات العامة.
ملف الهجرة
تأخر الإجراءات الإفريقية الهادفة لحل الأزمة الليبية جاء في ظل تصدر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للمشهد، رغم أنها كانت من المفترض أن تكون أولوية للاتحاد الإفريقي كما يشير المحلل السياسي فيصل باكير.
لكن الاتحاد الإفريقي الآن يريد تدارك الموقف؛ لأن القارة هي الأكثر تضررا من تدهور الأوضاع في ليبيا، سواء على المستوى الأمني أو السياسي، وكان أثر هذا التدهور مدمر، كما يرى باكير.
وأشار إلى أن الاتحاد يركز على الملف المتعلق بالهجرة غير الشرعية، كون ليبيا بوابة إفريقيا إلى أوروبا، ودولة عبور لأشخاص من جميع الجنسيات الإفريقية.
خطوات حاسمة
دعا جاكوسو، خلال لقائه رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، إلى قطع "خطوات حاسمة" لحل الأزمة الليبية، على أن يتخذ الاتحاد الإفريقي "موقفا" ضد التدخلات الأجنبية في ليبيا.
وطلب الوزير الكونغولي دعم رئيس البرلمان للمصالحة الوطنية ومسار الاتحاد الإفريقي، موضحا أنه استمع خلال اللقاء معه إلى "العديد من الأفكار والنصائح القيمة".