رغم أن التشكيلة الوزارية للحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، ضمت من أصل 23 وزيرا 3 وزيرات، إلا أنه وفق العديد من الأوساط والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة وعن توسيع مشاركتها في الحياة السياسية، فإن نسبة "توزير" النساء في حكومة السوداني والبالغة نحو 13 بالمئة ضئيلة ولا تحدث فرقا يذكر لتحسين واقع المرأة العراقية، وتكريس حضورها الفاعل في دوائر صنع القرار وحكم البلاد وإدارة شؤونها.
وتم تعيين 3 نساء في الحكومة الجديدة، وهن وزيرة المالية طيف سامي، ووزيرة الهجرة والمهجرين إيفان جابرو، ووزيرة الاتصالات هيام الياسري.
خطوة للأمام
فيما يعتبر مراقبون أن الحكومة الجديدة ورغم قلة عدد الوزيرات المشاركات فيها، لكنها وفرت حضورا نسويا أفضل قياسا بما سبقها من حكومات عراقية، بواقع 3 حقائب وهو ما يحدث لأول مرة، في حين أن حضور المرأة وتمثيلها في التشكيلات الوزارية السابقة كان غالبا يقتصر على حقيبة واحدة فقط.
تهميش مركب
وتقول الناشطة الحقوقية العراقية سارة الحسني، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "النساء العراقيات يواجهن مصاعب وتحديات مضاعفة أكثر من الرجال عندما يحاولن الدخول في معترك العمل السياسي، رغم أن أرقام الدورة الانتخابية الحالية مشجعة لجهة مشاركة المرأة بالانتخابات، ووصول عدد أكبر من الكوتا المحددة للنساء داخل البرلمان".
وتضيف الحسني: "فتعرض النساء إلى العنف الذي يتخذ أشكالا مركبة ومراوغة كالإقصاء الاجتماعي، هو ما يضعف مشاركة النساء في العمل السياسي، رغم محاولات العديد من المنظمات المدنية والحقوقية الهادفة لتمكين المرأة العراقية وتعزيز الوعي السياسي لها وللمجتمع عامة، حول ضرورة ضمان المساواة بين الجنسين بما في ذلك في الميدان السياسي".
واستطردت: "رغم أن القضاء العراقي أيضا لعب دورا مهما في سبيل تهيئة الأرضية الملائمة لدور نسوي سياسي فاعل، حيث أصدر مثلا قرارات بعدم التعرض للمرشحات للانتخابات للعنف، وكذلك تخصيص وزارة الداخلية خطوطا ساخنة لتلقي البلاغات منهن واتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهن".
صورة نمطية
وأضافت: "لكن تبقى المعضلة في وجود قناعة سائدة هنا بإن المرأة كائن ضعيف وعاطفي ولا تصلح للقيادة، إضافة إلى أن المجتمع الذي تحكمه العادات والتقاليد يقف عقبة أمام اقتحام المرأة لصدارة الشأن العام، وهو ما يعد من أبرز أسباب إقصاء المرأة عن التمثيل السياسي بما يتناسب مع استحقاقها ودورها الكبير في المجتمع العراقي، ناهيك عن تسلم المناصب المهمة والوزارات ومواقع صنع القرار".
وتتابع الحسني: "ولا ننسى أن الكتل والأحزاب السياسية هي في الواقع مضطرة لوضع نسبة معينة للنساء لتمثيلهن بمجلس النواب والوزارات، وهو ما ينص عليه كشرط قانون الانتخابات، وللظهور بصورة حسنة أمام العالم، في حين أن المطلوب هو الاقتناع بضرورة مبدأ تمثيل المرأة وإشراكها".
وتضيف الناشطة الحقوقية: "وحتى لو وصلت المرأة لموقع ما في هياكل صنع القرار والقيادة، فهي تبقى مقيدة ومسيرة وليست مخيرة تمتثل لقرارات الحزب الذي رشحها ومنحها هذا المنصب، ولتغدو بذلك حبيسة المحاصصة والاعتبارات الحزبية الكابحة لتقدم المرأة سياسيا واجتماعيا".
المرأة "تهمش" نفسها
فيما تقول المدربة والمستشارة الارشادية الاجتماعية زينة السامرائي، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "بصراحة المرأة العراقية هي من تهمش نفسها بنفسها، عبر القبول بإن تكون مجرد كمالة عدد، وحيث أنه لا يوجد لديها رؤية خاصة لإحقاق حقوقها وضمان مشاركتها المتكافئة مع الرجل، في مختلف المجالات وخاصة في الميدان السياسي والحكومي، وحين تنضوي تحت لواء حزب يعتبرها فقط أداة لفرض أرائه ولجعلها مجرد ديكور".
أبعاد ثقافية واجتماعية
وتضيف السامرائي: "موضوع تهميش المرأة وضعف مشاركتها معقد جدا، وينطوي على مفارقات وتناقضات لا حصر لها، وهكذا فالنساء القياديات في الفضاء السياسي والمجتمعي العراقي العام عددهن قليل، كون بواعث الخلل المسبب لهذا التفاوت في تمثيل الجنسين سياسيا، مركبة وتنطوي على أبعاد اجتماعية وثقافية وتربوية محافظة، تتعلق بحض البنت منذ صغرها على الخضوع والانزواء والاستكانة".