من بين 4700 قرية مصرية تتشابه فيما بينها بمظاهر الحياة الريفية، برزت إلى الواجهة قرية يقطنها ما لا يزيد على 17 ألف نسمة، بعدما تحولت إلى "أيقونة خضراء صديقة للبيئة"، وهي قرية فارس التابعة لمركز كوم أمبو في محافظة أسوان جنوبي البلاد.

وباتت "فارس" أول قرية تحصل على شهادة "ترشيد" للمجتمعات الخضراء في مسابقة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، وهي المبادرة التي أطلقتها الحكومة في كافة المحافظات بمجال التنمية المستدامة والذكية والتعامل مع البعد البيئي وآثار التغير المناخي، بهدف وضع خريطة للمشروعات الخضراء الواعدة والعمل على جذب استثمارات لها، وذلك في إطار تحضيرات الرئاسة المصرية لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 27" المقرر في شرم الشيخ من 7 إلى 18 نوفمبر الجاري.

وفي تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكد رئيس الجمعية المصرية للأبنية الخضراء صلاح الحجار أن عنصر الطاقة وكيفية استهلاكها ومدى الاعتماد على الطاقة المتجددة، يأتي على رأس المعايير التي قيّمت قرية فارس على أساسها كأول قرية مصرية صديقة للبيئة، إلى جانب عنصر المياه وكيفية ترشيدها عبر استخدام تقنيات الري بالتنقيط، وتجميع الأمطار لأغراض الري، مع استخدام النباتات المحلية في زراعة المسطحات الخضراء العامة كالصبار الذي يتميز بانخفاض استهلاكه للمياه، بدلا من النجيل ذي الاستهلاك الكثيف.

غوتيريس: كوب 27 فرصة لتعزيز التكيف مع التغير المناخي

وأضاف رئيس الجمعية التي تولت عملية التقييم، أن معايير الاختيار تمتد أيضا إلى جودة الحياة خارج المباني، من نظافة الشوارع وإضاءتها بالطاقة الشمسية، إضافة إلى توافر منظومة للمخلفات الصلبة وكيفية تجميعها.

وأوضح الحجار أن "تصميم شوارع القرية يراعي احتياجات ذوي الهمم، من خلال تصميم ممرات خاصة بهم تسهل وصولهم إلى الأماكن التي يريدون الذهاب لها".

وأشار إلى أن "المباني التقليدية تشارك بنحو 40 بالمئة من حجم الانبعاثات الكربونية"، بحسب تقارير المجلس العالمي للأبنية الخضراء، وهو ما يعكس أهمية التحول نحو المباني منخفضة الانبعاثات.

كيف تأهلت فارس لهذا اللقب؟

• قصة نجاح قرية فارس شهدت تعاون عدة جهات، أبرزها وزارة التخطيط وشركة "إيكونسلت" للاستشارات الهندسية والبيئية، إضافة إلى مؤسسة حياة كريمة التي أطلقتها الحكومة المصرية بهدف تحسين الظروف المعيشية اليومية للمواطنين.

• تضافرت جهود هذه المؤسسات في تنفيذ 31 مشروعا تنمويا داخل القرية بتكلفة بلغت 650 مليون جنيه (نحو 27 مليون دولار)، من أبرزها إنشاء مركز تكنولوجي يضم مكاتب خدمية وفق المعايير البيئية والصحية، إضافة إلى إنشاء وحدة لتوزيع الكهرباء تعمل على نقل الطاقة المولدة من محطة الطاقة الشمسية إلى شبكة التغذية الخاصة بالقرية، وكذلك إنشاء نقطة للإسعاف و48 وحدة سكنية للأسر الأولى بالرعاية.

• تم تطوير محطة لتنقية المياه بطاقة 100 لتر في الثانية، وتطوير المرسى النهري والممشى السياحي باستخدام مواد صديقة للبيئة، تتميز بامتصاصها المنخفض للحرارة.

أخبار ذات صلة

مصر.. الرئاسة تسلط الضوء على أبرز أنشطة السيسي خلال "كوب 27"
كوب 27.. دعوات إلى التزام دولي أكبر بـ"تعهدات المناخ"

وأكد محافظ أسوان أشرف عطية في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن اختيار قرية فارس كأفضل قرية نموذجية صديقة للبيئة "يأتي بفضل جهود الدولة في إحداث نقلة حضارية ونوعية داخل الريف المصري، من خلال حزمة من المشروعات الضخمة سواء ضمن المبادرة الرئاسية (حياة كريمة)، أو منظومة التأمين الصحي الشامل، وغيرها من المبادرات التي غيرت وجه الحياة في قرى المحافظة ومنها فارس".

وكشف عطية أن قرية فارس "أصبحت مجتمعا ريفيا يذخر بالعديد من مقومات ومتطلبات جودة الحياة، مع خلوها تماما من الانبعاثات الكربونية وأسباب التلوث البيئي"، موضحا: "أثناء تنفيذ المشروعات الجارية لمبادرة حياة كريمة روعي إنشاء محطات للصرف الصحي بنظام المعالجة الثلاثية بطاقة 3 آلاف متر مكعب يوميا، وكذلك محطة للطاقة الشمسية بطاقة 26 ميغاوات، بجانب تبطين وتأهيل الترع بطول 2.5 كيلو متر، وأيضا تجديد شبكات المياه وإنارة الشوارع والطرق الرئيسية بالطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة إلى إنشاء مجمعات حكومية وزراعية وغيرها من المباني الخدمية الصديقة للبيئة، وزيادة المسطحات الخضراء بإقامة حديقتين عامتين، ومساحات مخصصة للترفيه بمواصفات تناسب ذوي الهمم".

ومن المقرر تعميم تجربة قرية فارس في التحول الأخضر على 175 قرية يجري تطويرها، في إطار مبادرة "حياة كريمة" لتنمية الريف المصري.

إفريقيا تطالب الدول الثرية بتعويضها عن "خسائر" تغير المناخ

وتشتهر فارس بإنتاج وفير من المانجو والدوم وأنواع أخرى من الخضراوات والفواكه، وذلك لما تتميز به من جودة التربة وارتفاع درجة الحرارة التي تساعد على نضح المحاصيل الزراعية بها.

ويأتي فوزها بلقب أول قرية صديقة للبيئة في مصر، في إطار إعلان المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية عن 18 مشروعا فائزا من محافظات مصر، كأفضل المشروعات الخضراء من بين 6281 مشروعا تقدمت لمسابقة المبادرة، ومن المقرر أن تحصل المشروعات الفائزة على دعم من الأمم المتحدة.

وخلال حفل الإعلان عن المشروعات الفائزة، أكد رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر "كوب 27" محمود محيي الدين، أن مبادرة المشروعات الخضراء الذكية "غير مسبوقة"، في ظل أجواء عالمية تستدعي حلول مبتكرة لقضايا المناخ.

وأوضح محيي الدين أن "هذه المبادرة تأتي ترجمة لأهداف توطين التنمية المستدامة في مصر، وعلى مستوى الاستثمار هناك فرص كبرى للمشروعات التي خاضت المسابقة للتعاون مع اتحاد الصناعات والبورصة والمؤسسات الدولية من الخروج بها لآفاق أوسع"، مؤكدا أن مثل هذه المبادرات تتيح وضع خريطة ديناميكية للاستثمار في المحافظات المصرية، كما أنها فرصة لزيادة الاستثمار والتصدير وتحقيق مزيد من التطوير والابتكار.

وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أكد أن هذه المبادرة تتوافق مع استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، وكذلك مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050، التي "ترسخ لأهمية دمج آليات التكيف مع التغيرات المناخية في البرامج والمشروعات التنموية، المنفذة من جانب كل من القطاع العام والخاص والمجتمع المدني".

كوب 27.. توقعات بضغط على الحكومات الغنية لتعويض دول متضررة