دق وزير الموارد المائية العراقية عون ذياب، ناقوس الخطر من أن "التغييرات المناخية تؤشر لارتفاع مناسيب مياه الخليج"، كاشفا أن هناك "تقارير دولية تتوقع تعرض مدينة البصرة جنوبي البلاد إلى الغرق في العام 2100"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية .

هذا التحذير من الخطر المحدق الذي يطال واحدة من أكبر مدن ومحافظات البلاد وأكثرها اكتظاظا بالسكان، وهي تشكل رئة العراق البحرية ورافدا محوريا للاقتصاد العراقي لما تمتاز به من ثروات نفطية وسمكية وزراعية، يؤشر وفق الخبراء لعمق معاناة العراق مع ظاهرة التغير المناخي المتطرفة، والتي يعد من ضمن الدول الخمس الأكثر هشاشة في مواجهتها.

ثلث اليابسة في خطر

يقول الخبير البيئي والمناخي العراقي وعضو الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة أيمن هيثم قدوري، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "الكثير من التقارير العالمية تشير بالفعل إلى أن عام 2100 هو الموعد المتوقع لغرق ثلث مساحة اليابسة على سطح الأرض، حيث أن جميع مدن العالم التي تتراوح الارتفاعات فيها ما بين 0 - 10 م عن مستوى سطح البحر مهددة بخطر الغرق نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر لما يقارب 25 -30 م، بسبب ذوبان جليد القطبين وتحديدا القطب الجنوبي للكرة الأرضية".

ذوبان نهر "يوم القيامة"

ويضيف قدوري :"التغير المناخي وتسارع مراحله بوتيرة عالية ربما يقربان موعد الغرق، خصوصا وأن أحد هذه التهديدات يأتي من نهر ثيوتس ( نهر يوم القيامة ) أكبر سطح جليدي على الأرض والأوسع نطاقا بعرض يصل إلى 125 كيلو متر، والواقع بأقصى غرب القارة القطبية الجنوبية".

"فتتبع المسار التاريخي للنهر يشير لفقدان ثلث مساحته خلال القرن العشرين فقط، ما يعني ارتفاع مخاطر ذوبانه بشكل أسرع نتيجة لتفاقم أزمة الاحترار العالمي وارتفاع حرارة مياه المحيطات، كما وأن ذوبان ثيوتس ممكن أن يتسبب بارتفاع مستوى سطح البحر لما يقارب 5 أمتار عن المستوى الحالي وفق تقارير وكالة ناسا الأميركية، وترجع تسميته بنهر يوم القيامة و جبل الآخرة إلى الدمار الذي من الممكن أن يتسبب به ذوبان هذا الوحش الجليدي، لجميع أشكال الحياة في المناطق المنخفضة"، كما يشرح المتحدث.

لماذا البصرة؟

ويتابع: “تعتبر البصرة واحدة من المدن المهددة عالميا بشكل رئيسي بخطر الغرق، نظرا لانخفاض أراضيها حيث يتراوح ارتفاعها ما بين 2.5 م إلى 4.5 م عن مستوى سطح البحر، وقد شهدت البصرة ارتفاع مياه البحر قياسا باليابسة خلال القرن العشرين بمعدل تراوح بين 20 - 30 سم بفترات تفاوتت بين الركود و الغمر، وهذا المعدل المرتفع يجعلها ضمن أكثر 6 مدن حول العالم عرضة للغمر بمياه البحر بشكل جزئي خلال السنوات العشر القادمة".

ويستطرد الخبير العراقي:"وهكذا ارتفاع مستوى سطح البحر لمتر واحد فقط كفيل بغمر محافظة البصرة بالكامل وبشكل تدريجي يبدأ من القرى والأرياف المطلة على شط العرب، وصولا لمركز المدينة وشمالها، وسيصاحب هذا الغرق حركات نزوح باتجاه المناطق الأكثر ارتفاعا شمالا، مما سيسبب ضغط على مراكز ونواحي المدن خصوصا وأن البصرة ثالث محافظة عراقية من حيث الكثافة السكانية، فضلا عن التغيرات الديموغرافية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ستتعرض لها المدن والمحافظات شمال البصرة".

فهل هناك طرق لتفادي هذا السيناريو الكارثي؟

يجيب قدوري :"هناك بعض الاجراءات التي من الممكن أن تعمل على تقليل تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر وإنقاذ أجزاء من المحافظة، من خلال توسيع وكري المجاري المائية و حفر قنوات تستقبل كميات المياه القادمة، وحفر خزانات أرضية بمناطق مدروسة جيولوجيا تفاديا لخلط مياه البحر المالحة مع الخزين الجوفي منخفض الملوحة، ولتكن أهم المناطق المستهدفة كمستودعات مائية هي مناطق الأهوار في كل من محافظتي البصرة والعمارة، وربط هذه المناطق الرطبة عبر ممرات مائية".

تفعيل بنود باريس وغلاسكو

ويختم الخبير المناخي والبيئي العراقي: "وزارة الموارد المائية مطالبة بالعمل المكثف على ملف السياسة المائية خلال مدة زمنية قياسية، مع وضع حلول سريعة وبتطبيق فوري خصوصا ما يتعلق بالحصص المائية وتهديد غمر البصرة بمياه البحر، وهي لن تنجح في مسعاها ما لم تتجه لتدويل ملف المياه واشراك الدول الملوثة والمتسببة بأزمة الاحترار العالمي يتحمل تبعات ما يحدث، من خلال تفعيل بنود قمتي باريس و غلاسكو التي تنص على إلزام دول الانبعاث والمتسببة بالتغيرات المناخية بتنفيذ مشاريع بيئية تستهدف انقاذ مدن البلدان المتضررة خصوصا النامية منها".