في مبادرة هي الأولى من نوعها في المغرب، قام أعضاء في "نادي قضاة المغرب"، الذي يضم عددا كبيرا من التنظيمات المدنية التي تضم بدورها قضاة المملكة، بالتصريح عن ممتلكاتهم وديونهم بشكل طوعي، ونشرها علنا عبر الموقع الإلكتروني الرسمي.
وبادر 9 قضاة هم أعضاء في المكتب التنفيذي لـ"نادي قضاة المغرب"، الاثنين، بنشر بيانات خاصة بممتلكاتهم، وأخرى تبين دخلهم الشهري والعقارات والأموال المنقولة، على الموقع الإلكتروني الرسمي للنادي.
وتبين من التصريحات التي نُشرت على الموقع، من بينها تصريح رئيس النادي عبد الرزاق الجباري، أنهم "لا يملكون الثروات، بل مثقلين بالقروض البنكية، كما ليست لديهم أملاك محررة، بل أغلبها مسجلة مناصفة مع الزوجة، فيما لا توجد أية ممتلكات لدى بعضهم".
"رفع منسوب المصداقية"
وفي هذا الصدد، قال الجباري في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "هذا التصريح العلني بالممتلكات الذي قرره المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، يأتي في إطار تنفيذ توصية مجلسه الوطني، وهي توصية صادرة عنه سنة 2012، من أجل تحقيق هدفين اثنين".
"الهدف الأول يتعلق بدعم قيمة الشفافية في العمل الجمعوي القضائي الذي يتطلب مثل هذا النوع من المبادرات والإجراءات التي تساهم في الرفع من منسوب المصداقية المتطلبة فيه، بينما الهدف الثاني هو المساهمة في زيادة مؤشرات النزاهة في الوسط الجمعوي القضائي، كوسيلة من وسائل دعم المجهودات المبذولة في سبيل زيادة الثقة في القضاء، تنفيذا للإرادة الملكية"، وفق الجباري.
وتابع رئيس النادي: "القانون يلزم القضاة بالتصريح بممتلكاتهم، عبر مسطرة إدارية سرية، لكنه لا يمنعهم من الإعلان عن معطياتهم الشخصية حولها، وهي معطيات مشمولة بالحماية القانونية ما لم يتنازل المعني بها عن حقه في هذه الحماية، وهو ما قام به المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، إذ غلب أعضاؤه كفة دعم قيم الشفافية والنزاهة على كفة حماية معطياتهم الشخصية".
دعم الشفافية والنزاهة
وبخصوص التحاق قضاة آخرين في عملية التصريح بالممتلكات، أورد نادي قضاة المغرب، في بيان اطلع موقع "سكاي نيوز عربية" على نسخة منه، أن هذه المبادر تأتي "دعما لقيم الشفافية والنزاهة، وتنفيذا لتوصية المجلس الوطني للنادي، الهادفة إلى التصريح العلني بالممتلكات والديون من طرف أعضاء مكتبه التنفيذي كافة".
وتابع: "تأتي المبادرة أيضا، تنفيذا لقرار المكتب الوطني للنادي، الصادر بتاريخ 21 يوليو 2022، القاضي بتفعيل هذا الإجراء".
خطوة شجاعة
وتعليقا على هذه المبادرة، قال رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، جواد الخني، في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن تصريح قضاة علنا عن ممتلكاتهم، "مبادرة وخطوة شجاعة".
واعتبر الخني أن هذه الخطوة "تعزز الشفافية والنزاهة، وتعطي العبرة أنه يوجد قضاة نزهاء لا يمتلكون سوى أجورهم، وحتى الأملاك كالعقارات مثلا هي في غالب الأحيان مناصفة مع الزوجة".
وأكد الحقوقي أن المبادرة "سيكون لها تأثير إيجابي ليس فقط داخل الوطن، بل حتى خارجه، من خلال إظهار مدى الحس الأخلاقي والنزيه لدى القضاة المغاربة، وذلك في انتظار التحاق قضاة أخرين".
يشار إلى أن "الفصل 16 من النظام الأساسي للقضاة في المغرب، يقول إنه على القضاة التصريح عن ممتلكاتهم في أجل أقصاه 3 أشهر تكون موالية لتاريخ تعيينهم في السلك القضائي، بمجموع أنشطتهم المدرة للدخل، أو الممتلكات التي يملكونها أو يملكها أولادهم القاصرون أو يدبرونها، وكذلك المداخيل التي تسلموها بأي صفة من الصفات خلال السنة السابقة للسنة التي عينوا فيها، كما يجدد التصريح بالممتلكات كل 3 سنوات في شهر فبراير".
وفيما يتعلق بالحد الأدنى لقيمة الأموال المنقولة الواجب التصريح بها، محدد في 300 ألف درهم (30 ألف دولار) لكل صنف من أصناف الأموال المنقولة، عند تاريخ اقتنائها عن طريق الشراء أو تملكها عن طريق الإرث.
يذكر أنه بمجرد نشر أعضاء نادي قضاة المغرب بيانات عن ممتلكاتهم، تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع المبادرة، ولقيت إشادة من طرف نشطاء حقوقيين، الذين أعربوا عن "أملهم في أن تعمم هذه الخطوة على كل المسؤولين في قطاع العدل والبرلمان والحكومة".