أطلقت الشركة العمومية الجزائرية الكبرى لاستغلال الموارد البترولية "سوناطراك"، أولى الاختبارات لتشغيل، واحدة من أكبر محطات تحلية مياه البحر التي تعول عليها الجزائر للمساهمة في القضاء على ظاهرة شح المياه.
وقالت الشركة الجزائرية في بيانها إن مشروع محطة تحلية مياه البحر بالمرسى يعد أحد المشاريع الاستراتيجية والحيوية، الذي يهدف لوضع اللبنات الصلبة لتحقيق استراتيجية صناعية حقيقية خاصة بتحلية مياه البحر في الجزائر.
وتسعى الجزائر عبر هذه الخطوة، لتوفير 12 ألف متر مكعب يوميا عن طريق استغلال هذه المحطة كمرحلة أولية، على أن يتم تطوير المحطة في المرحلة النهائية لتصل إلى 60 ألف متر مكعب.
مشاريع ضخمة لأفاق 2027
ويندرج هذا المشروع ضمن المخطط الإستعجالي الذي سطرته الجزائر، لمواجهة شح المياه، وذلك عن طريق إنشاء عدة مشاريع خاصة بتحلية مياه البحر، بقدرة إجمالية تتجاوز 300 ألف متر مكعب يوميا بحلول عام 2027. وذلك عبر تشييد عدة محطات، من أجل توفير طاقة إنتاجية بسعة 150 ألف متر مكعب، تضاف إلى 280 ألف متر مكعب يَوْمِيا التي تنتج على مستوى 222 بئرا.
وسيتم توسيع نطاق الاستثمار في محطات تحلية مياه البحر على مستوى 14 محافظة ساحلية، مثل وهران ومستغانم وسكيكدة وبجاية وتيزي وزو.
المياه بين التكنولوجيا والترشيد
ويؤكد المراقبون أن أزمة شح المياه، تحتاج إلى نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك، لدعم مشاريع تحلية مياه البحر.
في هذا السياق، أوضح المهندس الجزائري المتخصص في تكنولوجيات معالجة المياه يازيد لعلام، أن برامج تحلية مياه البحر، تندرج ضمن مخططات التنمية المستدامة، التي يسعى العالم لتحقيقها بحلول 2030.
وقال لعلام لموقع سكاي نيوز عربية: "لتحقيق تلك الأهداف نحتاج إلى نشر الوعي بين الموطنين".
وأضاف المهندس الجزائري: "جهود الدولة واضحة لحل أزمة المياه، وهي تقوم بتعزيز المشاريع بفرض غرامات مالية كبيرة على الشركات التي تقوم بتبذير المياه، نحن نحتاج إلى نشر الوعي بأهمية المياه لدى الناس في الأحياء والمدن ولدى مسيري المصانع أيضا".
من جهته، أوضح المهندس الجزائري زكريا داردار من شركة "أمنهيد" أن عملية معالجة المياه تشمل عدة مستويات، حيث يكون المستوى الأولى خاص بالمنشآت التي تستعمل المياه في التصنيع. أما المستوى الثاني فيتعلق بمياه الشرب لمواجهة مشكلة الاحتباس الحراري، وذلك عن طريق تحلية مياه البحر أو الاستعانة بالحلول التي تقوم بإعادة تنقية المياه.
وقال داردار لموقع سكاي نيوز عربية: "الجزائر تقوم بتطوير الحلول الخاصة بالمياه عن طريق المرافقة التقنية، ونحن ملزمون بخوض هذه المعركة بأحدث الأجهزة والتكنولوجيا العصرية".
ويرى الخبراء أن ارتفاع درجات الحرارة كنتيجة مباشرة لتغير المناخ، سيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن المائي والغذائي مما سيؤثر على مستوى التنوع البيولوجي.
في مواجهة الجفاف
وصلت درجات الحرارة في عدة دول عبر العالم بما فيها الجزائر معدلات قياسية خلال الصيف الماضي، تجاوزت حدود الخمسين درجة، مما تسبب في موجة جفاف حادة رافقها تراجع محسوس في مستوى المياه في السدود.
ويرى المهندس الجزائري محمد حماس، المسير في شركة "المياه الذكية" الجزائرية المتخصصة في تحلية وتصفية المياه أن المعالجة الذكية للمياه أصبحت ضرورة من ضروريات العصر.
وقال حماس لموقع سكاي نيوز عربية: "المياه اليوم هي أكبر تحدي للأمن القومي، وفي الندرة الكبيرة للمياه في العالم لا يوجد خيار آخر أمامنا سوى الوقاية والتوعية وترشيد الاستهلاك لمرافقة التكنولوجيا الحديثة التي تحاول معالجة وتحلية مياه البحر في ظل الاحتباس الحراري الذي أصبح ظاهرة عالمية تدق ناقوس الخطر على الكرة الأرضية".
وحسب الدراسات المناخية فإن السنوات القادمة من 2030 إلى 2050، ستشهد انخفاضا حادا في نسية الأمطار الموسمية لتصل إلى ما دون الـ 30 بالمئة.