ركز العاهل المغربي، الملك محمد السادس، يوم الجمعة، على أمرين اثنين، عندما ألقى خطاب افتتاح الدورة الأولى من عمل البرلمان، حيث حث على إيلاء أزمة الماء عناية كبرى، بينما قدم توجيهات بشأن تشجيع الاستثمار في المملكة.
وأشاد محللون وخبراء مغاربة بالخطاب الأخير للعاهل المغربي الملك محمد السادس، معتبرين أنه " تشخيص للوضع الذي يعيشه المغرب على مستوى ندرة المياه وإشكالية الاستثمار، كما يضع في الآن نفسه خارطة طريق لمواجهة هذه التحديات".
وقال الملك محمد السادس إن مشكلة الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة هي الأكثر حدة منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وفي المحور المتعلق بالاستثمار، أكد العاهل المغربي أن المملكة تراهن على الاستثمار المنتج من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني، وإدخال البلاد في القطاعات الواعدة.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يفتتح فيها العاهل المغربي الدورة البرلمانية الجديدة حضوريا، منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية في البلاد بسبب انتشار فيروس كورونا قبل عامين.
معضلة الماء
وفي خطابه، أكد الملك محمد السادس أنه ولمواجهة مرحلة الجفاف فقد بادر المغرب منذ فبراير الماضي باتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية في إطار مخطط مكافحة الجفاف، لافتا إلى جلسات العمل التي انعقدت وتكللت بطرح البرنامج الوطني الأولي للماء للفترة ما بين 2020 و2027.
وأوضح العاهل المغربي أن المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي، ولا يمكن حل جميع المشاكل بتشييد التجهيزات المائية.
ودعا الملك إلى "أخذ إشكالية الماء بكل جدية لا سيما القطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي وغير المسؤول لهذه المادة الحيوية". مشددا على أن مشكل الماء لا يجب أن يكون موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
في تعليقه على مضامين الخطاب الملكي، أكد الخبير في مجال المناخ والبيئة، محمد بنعبو، أن "الخطاب الملكي يعتبر بمثابة تقييم للوضع الحالي المرتبط بندرة الموارد المائية في المغرب، وأرضية للارتقاء بتدبير الأمن المائي في البلاد تزامنا مع بداية موسم زراعي جديد".
وتابع بنعبو في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الخطاب جاء ليؤكد استمرار المغرب في سياسة بناء السدود، وشبكات الربط المائي، ومحطات جديدة لتحلية مياه البحر، وإعادة استعمال المياه العادمة".
ويعتبر المتحدث، أن مواصلة المملكة سياسة بناء السدود كما جاء في خطاب الملك تبقى من بين الأولويات التي يرتكز عليها المغرب لتوفير العرض المائي وتجاوز مرحلة الجفاف الهيكلي وندرة الموارد المائية.
ويضيف بنعبو، بأن "الملك أشار إلى مجموعة من التدابير الاستباقية التي تندرج في إطار مواجهة آثار الجفاف، من بينها البرنامج الأولي للماء والذي سيتم على ضوئه بناء مجموعة من محطات تحلية المياه وإعادة استعمال المياه العادمة، حيث يطمح المغرب إلى توفير حوالي مليار متر مكعب سنويا من الماء من أجل استعمالها في سقي الفضاءات الخضراء".
تشجيع الاستثمار
وفي الشق الثاني من الخطاب الملكي الذي تمحور حول موضوع الاستثمار، أكد العاهل المغربي على ضرورة التفعيل الكامل لميثاق يقلل المركزية، إضافة إلى تبسيط ورقمنة الإجراءات، وتسهيل الاستفادة إلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لأصحاب المشاريع".
ودعا الملك محمد السادس إلى تعزيز قواعد المنافسة الشريفة وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال، وذلك من أجل تقوية ثقة المستثمرين في المملكة.
وشدد العاهل المغربي على القطاع البنكي والمالي، مطالب بدعم وتمويل الجيل الجديد من المستثمرين والمقاولين، وكشف عن توجيه الحكومة بتعاون مع القطاع الخاص والبنكي، لترجمة التزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار، بهدف تعبئة 550 مليار درهم (50 مليار دولار) من الاستثمارات، وخلق 500 ألف وظيفة في أفق العام 2026.
يؤكد الخبير الاقتصادي، علي بوطوالة، بأن إشارة الملك إلى حشد القطاع الخاص للنهوض بالاستثمار، تستند إلى ما أظهره القطاع من محدودية في ضخ استثمارات كبيرة في الاقتصاد الوطني، مقارنة بالاستثمارات الحكومية، وذلك بالرغم من الحوافز التي تم تخصيصها لهذا القطاع.
ويعتبر بوطوالة في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن " الاستثمارات العمومية، لم ترق بالرغم من كل المجهودات التي بذلت من قبل الحكومة إلى مستوى التطلعات، لأسباب متداخلة، تأتي في مقدمتها العراقيل التي تطبع المساطر الإدارية".
ويتابع الخبير الاقتصادي، أن تسليط الضوء على مراكز الاستثمار في خطاب الملك، وعلى دورها في الإشراف الشامل على عملية الاستثمار في كل مراحلها هو "إشارة إلى ضرورة تطوير طرق اشتغالها لتقوم بدور أكبر في إنشاء المناطق الصناعية ودعم المستثمرين لإخراج مشاريعهم إلى حيز الوجود".
وفيما يتعلق بدعوة العاهل المغربي إعطاء عناية خاصة لاستثمارات الجالية المغربية بالخارج، يؤكد بوطوالة أن "العديد من المستثمرين من المغتربين يواجهون مجموعة من العراقيل خاصة المتعلقة بالإجراءات الإدارية، مما يهدر على البلاد فرص الاستفادة من كفاءاته في الخارج ومن مساهمتها في التنمية".