تقترب ترتيبات تجريها الوساطة الدولية من الوصول إلى حل يقوم على نقل السلطة للمدنيين على أساس الإعلان الدستوري الذي أعدته نقابة المحامين في سبتمبر الماضي.
وأكد مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، أن مفاوضات جرت خلال الساعات الماضية بين المكون العسكري والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أسفرت عن اتفاق تتبلور ملامحه في شكل شراكة جديدة.
وقال المهدي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الاتفاق يقوم على أساس العمل بلإعلان الدستوري الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، مشيرا إلى تراجع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان عن مبدأ عدم الإقصاء وعن بيان الرابع من يوليو الذي أعلن فيه الانسحاب من العمل السياسي، وفي المقابل تراجع قوى الحرية والتغيير عن مبدأ عدم التفاوض أو الشراكة أو المساومة وقبول قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بسلطات واسعة.
وتجري ترتيبات حاليا لعقد اجتماع مفصلي بين قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي - والمكون العسكري لمناقشة إطلاق عملية سياسية جديدة تسمح للمدنيين بتشكيل سلطة مدنية كاملة على أن يكون البرهان قائدا للجيش ومحمد حمدان دقلو قائدا لقوات الدعم السريع.
وتنخرط قوى الحرية والتغيير حاليا مع قوى الثورة الأخرى بما في ذلك لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني وتجمعات المهنيين من أجل الخروج بإعلان سياسي موحد يؤدي لتشكيل جبهة مدنية عريضة.
وكانت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة الإيقاد قد ألمحت، الأحد، إلى قرب التوصل لتسوية لحل الأزمة السياسية الحالية التي يعيشها السودان.
وفي الجانب الآخر، أكد البرهان، الاثنين، التزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العملية السياسية والحفاظ على استقرار وأمن البلاد.
وقال: "ليس لدى القوات المسلحة رغبة بأن تكون موجودة في سدة الحكم"، مضيفا أن "البلاد تمر بمرحلة تحتاج إلى الإجماع الوطني وتضافر الجهود لتجاوز هذه المرحلة"؛ معبراً عن تفاؤله بأن تشهد الساحة السياسية "انفراجاً في الفترة المقبلة وخاصة أن الجميع بدأ يستشعر المخاطر التي تحيط بها".
ومنذ أكثر من 11 شهرا، يشهد السودان احتجاجات متواصلة قتل فيها 120شخصا، على إثر الإجراءات التي اتخذها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، والتي أنهت الشراكة التي كانت قائمة بين المدنيين والعسكريين منذ إسقاط نظام المخلوع عمر البشير في أبريل 2019.
وتعيش البلاد أوضاعا معقدة في ظل استمرار الاحتجاجات وتأثر اقتصاد البلاد سلبا بالأوضاع الحالية وباستمرار تعليق المساعدات الدولية، التي تقول مؤسسات التمويل الدولية والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إن استئنافها مربوط بعودة المسار المدني.
وطرحت خلال الفترة الماضية عدة مبادرات للخروج من المأزق السياسي الحالي، لكن أيا من تلك المبادرات لم يحدث اختراقا حتى الآن. وفي الأسبوع الماضي، وقع عدد من لجان المقاومة، التي تقود الحراك الحالي في الشارع السوداني، ميثاقا مشتركا قدم رؤية لكيفية حكم البلاد خلال الفترة الانتقالية، وفقا لثلاثة هياكل تشمل المجلس التشريعي ومجلس الوزراء والسّلطة القضائية والنيابية وبصلاحيات منفصلة.
ولاقى مشروع دستور، أعدته نقابة المحامين الشهر الماضي، كإطار لإدارة الفترة الانتقالية، قبولا واسعا في الأوساط السودانية.
وينص المشروع على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفدرالي وتنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم ودمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد.
وحدد مشروع الإطار الدستوري مهام الفترة الانتقالية في مراجعة اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 وصولا إلى سلام عادل يشمل جميع الحركات غير الموقعة. كما نص على إصلاح الأجهزة العدلية وتحقيق العدالة الانتقالية مع ضمان عدم الإفلات من العقاب، وتفكيك نظام الإخوان واسترداد الأموال العامة المنهوبة خلال فترة حكمهم التي استمرت ثلاثين عاما.
وحدد الدستور الانتقالي مهام المؤسسة العسكرية في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد وحماية الدستور الانتقالي وتنفيذ السياسات العسكرية والأمنية للدولة. كما نص على تبعية جهازي الشرطة والأمن إلى السلطة التنفيذية، على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها.