تورط 16 شخصا من محافظة القصرين، وسط تونس، في تزوير شهادات علمية من أجل الحصول على وظائف في عدد من البلديات، وأذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين بالاحتفاظ بهم بعد ثبوت تهم التزوير ضدهم.
وجاء ذلك بعد أقل من شهرين من قرار سجن موظفين آخرين كانوا يعملون بشهادات مدرسية مزورة، مما أعاد للواجهة من جديد الجدل حول ظفر الكثيرين بوظائف حكومية في قطاعات التربية والشؤون المالية والصحة وغيرها عبر تزوير شهادات علمية مختلفة طيلة العشرية الماضية.
وقال رئيس جمعية مكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، إن موضوع الانتدابات المشبوهة بشهادات مزورة هو ملف فساد ثقيل تسببت فيه المحاباة على أساس الانتماء السياسي وتوريث المناصب داخل عدد من مؤسسات الدولة والوزارات.
وأكد الميساوي أن الفساد المتعلق بالشهادات العلمية ظهر مع إعلان التوافق بين الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول منظومة السلم الاجتماعي التي كانت تكاليفها باهظة في العشرية الأخيرة على الدولة التونسية، مشيرا إلى أن التوافق مع حركة النهضة الإخوانية وشراء منظومة السلم الاجتماعي كلف الدولة آلاف التعيينات المشبوهة عن طريق شهادات مزورة في وزارات المالية والصحة والتربية ومؤسسة الديوانة والبنوك العمومية.
واعتبر الميساوي أن كل محاولات الكشف عن ملفات الفساد في الوظيفة العمومية في السنوات الأخيرة توقفت كما تعطلت التحقيقات وكانت محل صراع بين المنظومة الفاسدة وجهود مكافحة الفساد.
وأضاف رئيس جمعية مكافحة الفساد أن عدد ملفات تدليس الشهادات العلمية التي أحيلت على القضاء قليل جدا، وقد ظهر الأمر" بأكثر وقاحة " في العشرية السوداء مع حكم حركة النهضة، مما ساهم في إفلاس الوظيفة العمومية وإغراقها بانتدابات الموظفين الذين مر عددهم من حوالي 217 ألف موظف في القطاع العام إلى 800 ألف في سنوات قليلة مما ساهم في عجز المؤسسات عن أداء مهاها وإفلاسها.
ومن جهته وصف كاتب عام الجمعية الوطنية لخريجي الجامعات محمد الفريضي موضوع تزوير الشهادات بالمتكرر و قال إنه يظهر في سياقات سياسية معينة ثم يغلق بسبب عدم اتمام التحقيقات، مشيرا إلى أنهم طالبوا بأن يكونوا طرفا مراقبا للتحقيقات في قضايا تزوير الشهادات العلمية و رفعوا مطالبهم إلى القطب القضائي.
هذا وأكد عضو نقابة التعليم الأساسي توفيق الشابي أن عددا من المعلمين لم يتم توظيفهم ويجري التحقيق معهم في قضية شهادات علمية مزورة، كما تم إرسال متفقدين ماليين وإداريين للتثبت من ملفاتهم من أجل إرجاع الحق لأصحابه ومحاسبة مزوري الشهادات العلمية وفق تعبيره.
وأضاف الشابي أنهم يدينون كل شبهات التدليس والتزوير، وأن ما يروج عن تورط جهات نقابية في موضوع تدليس الشهادات أو شغل أشخاص لمناصب لا تتلاءم مع مؤهلاتهم العلمية لا أساس له من الصحة، فمسألة الانتداب تتم بين الإدارة والمعنيين بالأمر بدعم من جهات سياسية ساندت عمليات التزوير.