تترقب الجزائر يومي 9 و10 أكتوبر الجاري، زيارة رسمية لرئيسة الوزراء الفرنسية إيليزابيث بورن، لعقد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية- الفرنسية، وهو الاجتماع الذي تصفه باريس بالمهم على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وستلتقي بورن بنظيرها الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، بهدف تثبيت "الشراكة" التي اُتُّفِقَ عليها نهاية شهر أغسطس الماضي بين الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون.

الاقتصاد أم التاريخ

ويرى النائب البرلماني عن الجالية الجزائرية في الخارج عبد الوهاب يعقوبي، أن الملفات الاقتصادية هي التي ستسيطر على النقاشات أكثر من باقي الملفات بما فيها الأمنية والتاريخية والجالية، وإن كان البرنامج يبدو متنوعا ويطرح على طاولة النقاش ملف تشكيل اللجنة المشتركة الخاصة بالذاكرة.

وتأتي هذه الزيارة بعد شهر من زيارة ماكرون إلى الجزائر الذي جاء مفروقا بأكثر من 90 شخصية سياسية وتاريخية وثقافية واقتصادية، للتأكيد على عمق العلاقات الجزائرية الفرنسية.

وقال يعقوبي لموقع سكاي نيوز عربية: "نتوقع أن تقدم فرنسا للجزائر مزيد من التنازلات فيما يخص ملف الذاكرة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية، وفق قاعدة" رابح رابح "التي تتبناها الحكومة الجزائرية".

وأبدى الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر في 27 أغسطس الماضي 2022، نوعاً من الليونة في التعامل مع موضوع الذاكرة، واصفا العلاقات بين البلدين بأنها "قصة حب"، مشيرا إلى ضرورة تضافر جهود الباحثين بين البلدين من أجل مراجعة الأرشيف والملفات التاريخية.

معاملات تجارية مترنحة

وخلال فترة تولي ماكرون لمقاليد الحكم، شهدت التعاملات التجارية بين الجزائر وفرنسا مدا وجزرا، وقد عرفت باريس دخول منافسين جدد في مقدمهم الصين، على خلفية توجه الجزائر لتوسيع دائرة الشركاء التجاريين والاقتصاديين.

وحسب تقديرات وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية لسنة 2021 فإن حجم المبادلات التجارية يوصف بالمعتبر، بنحو 7.95 مليارات أورو منها 3.7 مليارات أورو صادرات فرنسية باتجاه الجزائر و 4.3 مليارات أورو واردات فرنسية من الجزائر.

وتكشف تقديرات مصالح الجمارك ومديرية الخزانة الفرنسية أن أهم المنتجات الفرنسية المصدرة إلى الجزائر، خلال العام الماضي، تمثلت في عتاد وآليات النقل بقيمة 651 مليون يورو، تليها المنتجات الفلاحية والغذائية والمواد الصيادية بقيمة 630 مليون أورو.

وقد حافظت فرنسا خلال موسم 2021/2022 على المرتبة الأولى باعتبارها أهم ممون للجزائر بالقمح اللين بحوالي 1،44 مليون طن.

وتساهم 12 بلدا اليوم في تموين الجزائر بهذه المادة، حيث قدرت الحصة الفرنسية ب 24 % وجاءت ألمانيا في المرتبة الثانية ب 1،390 مليون طن، أي بنسبة 23 .%.

والأعين على الغاز

ويربط الخبير الإستراتيجي الجزائري نور الدين سطوح، مواقف باريس الجديدة تجاه الجزائر بالوضع الجديد الذي تعيشه أوروبا بسبب الحرب الأوكرانية، والتي تنذر بشتاء بارد على القارة العجوز.

وقال سطوح لموقع سكاي نيوز عربية: "باريس، ستسعى للاستفادة من الاتفاق المبرم مؤخرا بين الطرفان، والذي سيضمن توريد المزيد من الغاز الطبيعي من طرف سوناطراك الجزائرية إلى مجمع إنجي عبر خط أنبوب نقل الغاز ميدغاز مع مراجعة سعر بيع الغاز التعاقدي المطبق على مدى ثلاث سنوات والممتد إلى غاية سنة 2024".

لهذا الغرض يتوقع أن تقدم باريس للجزائر المزيد من العروض في مجال الخدمات، وفرص التكوين للشباب الجزائري المستثمر في مجال الشركات الناشئة والمصغرة.

وحسب التقديرات الرسمية فإن عدد المؤسسات والمتعاملين الفرنسيين النشطين في الجزائر يبلغ نحو450 مؤسسة، وعدد الوظائف بنحو 40 ألف مع حوالي 100ألف منصب غير مباشر.

وقد عقدت كل من الجزائر وفرنسا، أربعة اجتماعات في إطار المجلس الحكومي المشترك عالي المستوى، كان آخرها اجتماع باريس عام 2017.