تشرع الجزائر، يوم الأحد، في إعادة إحصاء السكان، لسادس مرة منذ استقلالها عام 1962، حيث ستستمر العملية إلى غاية 9 أكتوبر القادم، بهدف توفير قاعدة بيانات رقمية حديثة حول الوضعية العامة للمواطنين، سواء من الجانب الاجتماعي والاقتصادي.

وبالإضافة إلى إحصاء نسبة المواليد والزواج والحالة الاجتماعية، فإن هذه العملية ستشمل لأول مرة مجالات جديدة، لم يتم الاهتمام بها في الإحصائيات السابقة، على غرار الحالة الصحية للسكان، وعلاقتهم بالبيئة.

وفي عام 2018، توقع ديوان الإحصاء بالجزائر أن يتجاوز عدد السكان معدل 51.3 مليون بحلول عام 2030. ويرى خبراء الإحصاء والاقتصاد أن إحصاء 2022 سيكشف عن تجاوز الجزائر لهذا العدد من السكان هذه السنة.

5 سنوات من التحضير

وحسب مندوب الإحصاء بمحافظة جيجل، ناصر قندوزي، فإن التحضير لهذا الموعد الكبير، بدأ رسميا عام 2018 وذلك عبر عدة مراحل منها التحيين الخرائطي ومراجعة نتائج إحصاء 2008، مرورا بمرحلتي رسم الخرائط الإحصائية وتقسيم المقاطعات، وصولا إلى المرحلة الأخيرة والتي تتعلق بملء نتائج الإحصاء في كراس المقاطعات.

وقال قندوزي لموقع "سكاي نيوز عربية": "السلطات مهتمة جدا بمعرفة أبسط التفاصيل التي تتعلق بالسكان في الجزائر، وقد تم تسخير كل الإمكانيات لإنجاح العملية لضبط خارطة سكانية، حديثة ومتكاملة".

وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها الاستعانة فيها بالألواح الرقمية، التي سيحملها حوالي 61 ألف عون إحصاء، خلال زيارتهم لأكبر عدد ممكن من المنازل.

عراقيل تؤثر على النتائج

غير أن هذه العملية التي تحاول تغطية أكبر بلد من حيث المساحة في إفريقيا والعالم العربي (تبلغ مساحة الجزائر 2.3 مليون كلمتر مربع)، تحاصرها الكثير من التحديات والصعوبات، بحسب خبراء الإحصاء.

في هذا الصدد، أوضح الخبير في مجال الإحصاء وصاحب مؤسسة "ميديا أندي سرفاتي"، سفيان مالوفي، أن "التأخر لمدة عشر سنوات كاملة من أجل إعادة القيام بالإحصاء السكاني يعقد من مهام الأعوان، وسيؤثر بشكل أو بآخر على النتائج المسجلة".

وقال مالوفي، لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه الطريقة الكلاسيكية في الإحصاء السكاني لا تحقق نتائج دقيقة، وهناك الكثير من الأحياء العشوائية والمناطق النائية وخاصة الجبلية التي يصعب الوصول إليها وهي أكثر المناطق التي يجب أن يطالها الإحصاء".

وأوضح صاحب مؤسسة "ميديا أندي سرفاي"، الذي اعتاد القيام بعمليات إحصائية على مستوى الوطن لمعرفة التوجهات السياسية والثقافية للرأي العام الجزائري، أن ثقافة الإجابة على الأسئلة الخاصة "لا تزال غائبة لدى شريحة كبيرة من المجتمع".

أخبار ذات صلة

فن "الشعبي" في الجزائر.. لون غنائي أصيل وعريق
خطوة فرنسية تجاه الجزائر.. الموعد شهر أكتوبر

وقال مالوفي: "مثل هذه العمليات تحتاج إلى التوعية القبلية واختيار أعوان يتمتعون بالنزاهة للقيام بمهمة معقدة وصعبة في ظرف زمني قصير نسبيا مقارنة بعدد سكان الجزائر".

وحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن المصدر الوطني للإحصائيات سنىة 2021، فإن عدد سكان الجزائر يبلغ حاليا 44 مليون نسمة، مما يجعلها الدولة الثانية عربيا من حيث عدد السكان بعد مصر والتاسعة إفريقيا.

وقد أطلقت السلطات المحلية العديد من حملات التوعية، شملت المساجد والمدارس ووسائل الإعلام المحلية وكذا أعيان وكبار الشخصيات في المناطق الداخلية، الذين يتمتعون بالمصداقية لحث المواطنين البسطاء على المشاركة ومساعدة أعوان الإحصاء في مهمتهم والإجابة على جميع الأسئلة دون تحفظ.

ويعود تاريخ أول إحصاء سكاني قامت به الجزائر إلى عام 1966، حيث قدر عدد السكان حينها بـ12 مليون نسمة، بمعدل 25 ساكنا في الكلمتر المربع الواحد.

وعملية مهمة للاقتصاد

ويؤكد الخبير الاقتصادي الجزائري فارس مسدور أن الإحصاء السكاني مهم جدا للتخطيط الاقتصادي لتحقيق التنمية المستدامة، وضبط الميزانية العامة للدولة.

وقال مسدور لموقع "سكاي نيوز عربية": "تتكبد الخزينة العمومية خسائر كبيرة كل سنة بسبب غياب المعلومات الإحصائية الدقيقة للسكان، وهو ما يدفع بالحكومة للجوء لإعداد قانون تكميلي للميزانية قبل نهاية العام".

ويرى الخبير الاقتصادي أن "معظم المعلومات المعلن عنها سواء فيما يخص نسبة البطالة والكثافة السكانية في المناطق الريفية والحالة الاجتماعية فيما يعرف بمناطق الظل، لم تكن دقيقة".

وأشار إلى أن هذه العملية الإحصائية "ستفاجئنا بنتائج جديدة تدفع بالسلطة لمراجعة الكثير من الأمور سيما فيما يخص السياسية المالية العامة وبرامج التنمية المحلية وتوزيع المشاريع".