تفصل تونس عن موعدها الانتخابي القادم ثلاثة أشهر، تتسارع فيها الاستعدادات اللوجستية والمشاورات السياسية، في انتظار موعد الانتخابات التشريعية في ديسمبر القادم، فيما يحتدم الجدل السياسي بخصوص ملامح القانون الانتخابي المنتظر الذي سينظم العملية الانتخابية ويحدد شروط المشاركة وتمويل الحملات الانتخابية، فيما تلوح عدد من المكونات السياسية بالمقاطعة.
في سياق ذلك، بدأ الرئيس قيس سعيد سلسلة من الاجتماعات التشاورية، قال إنها تهدف "لتلقي المقترحات لدعم المسار الإصلاحي الذي بدأته تونس في 25 يوليو"، كما أعلن أن القانون الانتخابي الجديد يراعي "الملاحظات التي تقدم بها الذين دعموا المسار الإصلاحي الذي انطلق يوم 25 يوليو من العام الماضي وانخرطوا في عملية التأسيس الجديد".
وأكد الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الهيئة مستعدة لوجستيا بأكثر من 60 ألف منتسب وقع تكوينهم للاعتماد عليهم خلال الانتخابات القادمة وفي انتظار توضيح الجوانب التشريعية بصدور المرسوم الخاص بإعلان الانتخابات وآجالها والأمر الحكومي المحدد للدوائر الانتخابية".
وأوضح المنصري: "الموعد معلن سياسيا ويحتاج للإطار القانوني حتى تتم دعوة الناخبين وتحديد الرزنامة وقد وعدت رئاسة الجمهورية بإعلان النص التشريعي في أقرب الآجال بعد استشارة الهيئة في عدد من الجوانب الفنية"، مرجحا أن تشمل انتخابات ديسمبر التشريعية مجلس النواب فقط على أن تؤجل الانتخابات الخاصة بالغرفة النيابية الثانية المتمثلة في مجلس الأقاليم والجهات والتي تم إحداثها بموجب الدستور الجديد تجنبا للتداخل في الحملات الانتخابية وتشتيت المقترعين.
وتعكف رئاسة الجمهورية على إعداد مشروع القانون الانتخابي الجديد لعرضه على هيئة الانتخابات لإبداء الرأي، بينما تتوالى ردود فعل الأحزاب حول القانون المنتظر وملامح الحياة السياسية الجديدة في تونس كما سيضبطها.
وقال القيادي بحركة البعث، صهيب المزريقي، في تصريحات للموقع، إن الساحة السياسية في حاجة إلى سن قانون إنتخابي جديد يضمن انتخابات نزيهة وشفّافة، ويقطع الطّريق أمام التّلاعب بأصوات النّاخبين، ويشترط بعث دائرة قضائية مختصة تراقب العملية الانتخابية، وتبت في الجنح والجرائم الانتخابية بكل مراحل التقاضي في أجل لا يتجاوز سنة من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات.
وأضاف المزريقي أن حزبه اقترح "اعتماد نظام اقتراع على الأفراد على دورتين مع فرض التدقيق في المترشحين من الناحية العدلية حتى نضمن نواب نزهاء وشرفاء إلى جانب وضع قانون ينظم نشاط مؤسسات سبر الآراء ليضمن مصداقيتها وقانون يراقب تمويل الأحزاب والجمعيات خاصة التمويلات الخارجية".
من جهته، دعا الناطق باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، إلى "ضرورة التسريع في الانتخابات للقطع مع المرحلة الاستثنائية لأنها عنوان أزمة بينما تحتاج البلاد للمرور إلى مرحلة الاستقرار، وحث القوى السياسية الفاعلة على تقديم نموذج جديد وخطاب صادق للتونسيين الذين خذلوا من الأحزاب طيلة السنوات الماضية".
وأضاف النابتي أن الانتخابات القادمة تحتاج إلى جهوزية النص القانوني الذي ينظمها وإلى تنقية المناخ السياسي المتأثر بالأزمة الاقتصادية وتعثر المحاسبة، بينما تحتاج تونس إلى إجراء الانتخابات في آجالها وإرساء البرلمان والمؤسسات الديمقراطية، مشيرا إلى أن حزب التيار الشعبي سيلتزم بالقانون الانتخابي وما سيضعه من شروط للعبة الانتخابية.
بدوره، أكد عضو حركة الشعب، حاتم بوبكري، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الانتخابات التشريعية المنتظرة من شأنها أن تنهي المرحلة الاستثنائية التي أثرت اقتصاديا واجتماعيا على البلاد وأن تسمح بالدخول في مرحلة الاستقرار السياسي، الذي يعيد ثقة الخارج في الحكومة ويحيي آمال التونسيين بتحسن الأوضاع.
وصرح بوبكري أن الانتخابات التشريعية ستكون على الأفراد لا على القائمات وأن الأحزاب ستشارك فيها عبر من تختارهم من الأفراد في دوائر انتخابية ضيقة.
على الجانب الآخر، تتجه غالبية الأحزاب المعارضة إلى مقاطعة انتخابات 17 ديسمبر، حيث أعلنت "جبهة الخلاص" أن مكوناتها وأبرزها حزب النهضة ستقاطع الانتخابات التشريعية، بينما يرجح مراقبون أن يقصي القانون الانتخابي الجديد حركة النهضة وحلفاءها على غرار ائتلاف الكرامة وقلب تونس، بسبب ما ارتكبوه من جرائم انتخابية خلال العشرية الماضية.
وعلق الكاتب العام لجمعية عتيد معز الرحموني أن "المرحلة السياسية في تونس يعتريها الغموض التام خاصة مع تغيير القانون الانتخابي قبل ثلاثة أشهر من الموعد، وتأخر هيئة الانتخابات في إطلاق حملتها التوعوية لفائدة المقترعين".