تنفس أهالي منطقة ورشفانة، جنوب غرب العاصمة الليبية طرابلس، الصعداء، بعد تراجع المجموعات المسلحة المؤيدة للحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة، عن التهديد باقتحامها، بعد تدخلات محلية.
وبالتزامن، يحذر محللون ليبيون تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أن وراء التهديدات الميليشياوية "أجندة خارجية" لتصفية المجموعات المسلحة التي تتجه إلى التوافق الوطني بتأييد الحكومة المنتخبة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وتفريغ طرابلس منها لتحويل العاصمة إلى مقر للميليشيات المؤدلجة بأقصى أنواع التطرف الديني.
وأعلن المجلس البلدي لورشفانة ومجلس الحكماء قبل ساعات، في بيان، التوصل لاتفاق تهدئة بعد اتصالات مع محمود رجب ومحمد بحرون الشهير بـ"الفار"، وعثمان اللهب، وهما من قادة تلك المجموعات المنتمية لمدينة الزاوية قرب طرابلس.
ويقضي الاتفاق بتراجعها عن تنفيذ هجوم كانت تخطط له لاستهداف تمركزات قوات تابعة لمعمر الضاوي، وهو من مؤيدي حكومة باشاغا.
كذلك ينص الاتفاق على عدم اللجوء للعنف، وفق بيان المجلس البلدي الذي أشار إلى أن المدير السابق للاستخبارات العسكرية في المنطقة الغربية، أسامة الجويلي، المحسوب على معسكر الحكومة الجديدة، على علم بتلك التفاهمات.
تهديدات بالاقتحام
جاء الاتفاق بعد أسبوع من هلع ساد المنطقة من عودة اشتعال المواجهات نتيجة التهديدات التي أطلقتها المجموعات المؤيدة للدبيبة باقتحام ورشفانة، ورفض الأهالي تحويل منطقتهم إلى ساحة معركة جديدة، هو ما رد عليه الميليشياوي "بحرون"، بإرسال تحذير لهم باستعداد عناصره لاستخدام "القوة والسلاح" ضدهم إن قاوموهم.
وبالفعل، شهدت ورشفانة تحشيدات كبيرة للمجموعات المسلحة مع انتهاء "المهلة" التي قدموها للأهالي ليل الأربعاء، قبل أن يعلن اتفاق التهدئة صباح الخميس، إلا أن الأجواء تظل مشحونة مع عدم سحب جميع الآليات العسكرية حتى الآن، وفق مصادر "سكاي نيوز عربية".
تحذير نواب بالبرلمان
وقلقًا من نتائج التصعيد، أصدر أعضاء في مجلس النواب عن المنطقة الغربية والجبل، الأربعاء، بيانًا، يرفضون فيه تهديدات هذه الميليشيات باقتحام ورشفانة بالطيران وغيره، وزيادة تمزيق النسيج الاجتماعي، والدخول في حرب أهلية.
وحمَّل النواب البعثة الأممية ومجلس الأمن الدولي مسؤولية أي مجازر جديدة، وكذلك الكتائب المؤتمرة بأمر الدبيبة، وفق وسائل إعلام محلية.
يأتي هذا بعد 10 أيام من اشتباكات عنيفة شهدتها طرابلس 27 أغسطس، أسفرت عن مقتل 40 شخصًا وإصابة 159 آخرين، وانتهت بسيطرة مجموعات مؤيدة للدبيبة، مثل "الردع" و"دعم الاستقرار" على معظم العاصمة.
مخطط خارجي
وفي تقدير المحلل السياسي الليبي فرج زيدان، فإن خطط للميليشيات في ورشفانة هي تنفيذ لـ"أجندة خارجية" لتصفية مجموعات خرجت عن هذه الأجندة، وتدعم الآن الحكومة المكلفة من البرلمان.
وبالفعل نجحت الأولى في طرد الثانية من طرابلس، وفق زيدان، الذي يحذر الميليشيات التي ما زالت تدور في فلك الخارج، من أنها مجرد أداة يمكن الاستغناء عنها وتصفيتها، كما يحاولون أن يفعلوا مع خصومهم.
استيطان التطرف بطرابلس
وعلى المدى البعيد، يحذر الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، من خطر آخر يهدد طرابلس، وهو أن تتحول إلى مقر للفكر المتطرف؛ حيث يُخطط لتوطين المجموعات المسلحة التي تعتنق أفكارًا متطرفة، مع دحر المجموعات غير المؤدلجة؛ وهذا خطر على ليبيا ودول الجوار.
ويشبِه هذا السيناريو ما جرى في مدينة بنغازي، شرقًا، حينما آلت السيطرة للتنظيمات المتطرفة فيها، والحديث لـ"قشوط"، قبل أن يتمكن الجيش الوطني من تطهيرها وباقي مدن المنطقة الشرقية في "عملية الكرامة" عام 2014.