تشكل الأنفاق التي تركها تنظيم داعش خلفه، إبان سيطرته على محافظات عراقية عدة عام 2014، تحدياً بارزاً للقوات الأمنية، في ظل المخاوف من استغلال التنظيم الأزمة السياسية والانبعاث مجدداً.
فعلى رغم توقف العمليات العسكرية بشكل رسمي، نهاية عام 2017، إلا أن القوات العراقية ما زالت تعثر بشكل متكرر على أنفاق ومخابئ، للتنظيم، في محافظات نينوى والأنبار وديالى وكركوك، حيث تمثل مضافات آمنة لهم بعيداً عن رصد الطيران والمواطنين.
وتضم الأنفاق المكتشفة غرفا صغيرة متلاصقة للنوم مع فتحات تهوية وممرات تنقل وغرف طهي، تحتوي مواد معلبة جاهزة للأكل وأكياس تمر وزيت، إضافة إلى الحمامات، وذلك على عمق يتراوح بين 5 و10 أمتار.
هذه المخابئ بُنيت بطريقة محكمة، ويصعب بشكل كبير، على القوات الأمنية، تحديد مواقعها، لجهة انتشارها في عدة مواقع، خاصة الصحاري، والأراضي البعيدة نسبياً عن عيون الرصد، كما أن الدخول إليها يتم بحيل مبتكرة.
خارطة الانتشار
وفق مصادر في قيادة العمليات المشتركة العراقية، تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن تلك "المتاهات" تتركز في عدة مدن:
- محافظة كركوك، خاصة مدينة الحويجة، وتضاريس وادي الشاي وازغيتون، وأجزاء من حمرين في محافظة ديالى.
- محافظة الأنبار، خاصة مدن القائم والرطبة وأجزاء من حديثة، فضلاً عن وادي حوران، المنطقة الأعقد جغرافياً.
- مدينة الموصل، وخاصة الأجزاء الجنوبية منها، بالإضافة إلى ناحية الكوير، وسهل نينوى، وغيرها.
- تشير إحصائيات القوات العراقية إلى العثور على نحو 70 نفقاً ومخبئاً لتنظيم داعش، في المحافظات المذكورة خلال النصف الأول من العام الحالي، وفق المصدر.
- بحسب المصادر، فإن بعض تلك الأنفاق بُنيت بعد انتهاء العمليات العسكرية، ما يؤكد قدرة التنظيم على المناورة، وتنظيم وجود جديد في المواقع المهمة.
- تؤكد المصادر العراقية، أن الكشف عن تلك الأنفاق مسألة معقدة، وهي تحتاج إلى عدة مصادر محلية، وأحياناً حتى عناصر داخل التنظيم، إذ تم الكشف مؤخراً عن أن تنظيم داعش، لا يسمح بدخول عناصره إلى بعض الأنفاق إلا بعد تغطية عيونهم، ضمن خطة جديدة، تحسباً من اعتقالهم والكشف عن تلك المواقع.
- تقول تلك المصادر، إن الاستخبارات العراقية تقسم تلك المناطق إلى حمراء وأخرى صفراء، بحسب كثافة وجود تلك الأنفاق، فيما تحولت خلال السنة الماضية بعض المناطق من صفراء إلى خضراء.
تضاريس معقدة
تمثل الصعوبات البيئية والتضاريس المعقدة، التحدي الأبرز للقوات المنتشرة في تلك المناطق، بسبب غياب مداخلها والتمويه الكبير، الذي اعتمده عناصر التنظيم، فيما تلجأ القوات العراقية إلى الطائرات المسيرة، والاستطلاعات المباشرة للجنود الراجلة، لرصد تلك المخابئ.
وضمن أعمالها المتواصلة في تعقب تلك الأنفاق، عثرت القوات العراقية منتصف الشهر الجاري، على نفق بطول 200 متر، في محافظة الأنبار، وبداخله مخابئ كبيرة، وغرف لاحتجاز الرهان، فضلاً عن قطع العتاد والمواد المتفجرة.
الخبير في الشأن الأمني العراقي، فاضل أبو رغيف، قال لموقع "سكاي نيوز عربية": إن "تنظيم داعش بعد أن انكسرت شوكته في دولة (التمكين) بعد عام 2016، وما أعقبها، لجأ من حرب المدن، إلى حرب حدود المدن، ومنها إلى المضافات والأنفاق والمخابئ والكهوف، واتخذ من بعض المناطق، خاصة المحصورة بين كركوك وصلاح الدين، مثل وادي الشاي ووادي زغيتون وأم الخناجر وغيرها مقرات له".
4 طرق لمواجهتها
الخبير العراقي، يرى أن "معالجة تلك الأنفاق يتم عن طريق العمليات المتواصلة والجهد الاستخباري والضربات الجوية والمعلومات التي تحصل عليها القوات العراقية، كلها حدّت من مخاطر تلك الأنفاق"، حذراً من "تناميها في حال عدم اتخاذ الأمر بجدية".
وتأتي تلك التحذيرات في ظل التطورات المتسارعة الأخيرة في الساحة العراقية، وسط المخاوف من استغلال تنظيم "داعش" لهذه الأزمة، وتصعيد هجماته الإرهابية.
وتداولت وسائل الإعلام المحلية العراقية نقلا عن مصادر أمنية، خبر تسلل عناصر من "داعش"، الاثنين، للطريق العام الرابط ما بين مدينتي كركوك والسليمانية شمالي العراق، وخطفه لشابين من أهالي ناحية ليلان، حيث عثرت الجهات الأمنية فيما بعد على أحدهما منحورا.