تحضيرات مكثفة يعرفها قطاع التربية بالجزائر عشية الدخول المدرسي بسبب إدراج اللغة الإنجليزية في المقرر الدراسي بالتعليم الإبتدائي، فيما يجتهد بعض التلاميذ في التحضير لاكتساب لغة "شكسبير" في مراكز تكوين خاصة.
تقول آخر الأرقام إن وزارة التربية الوطنية تحصي ما يفوق 5000 أستاذ متعاقد لتدريس مادة اللغة الإنجليزية لتلاميذ السنة الثالثة ابتدائي في الموسم الدراسي 2022/2023، وهو أول موسم لهذه اللغة الحية المهمة في العالم داخل ابتدائيات الجزائر، بعد تجربة متواضعة في تسعينيات القرن الماضي.
وقد تمثلت معايير اختيار الأساتذة المترشحين لشغل هذا المنصب في الحصول على شهادة "ليسانس" في اللغة الإنجليزية أو الترجمة من وإلى اللغة الإنجليزية، فيما ستنطلق عملية التكوين من 8 إلى 19 سبتمبر الجاري أي على مدار 10 أيام كاملة.
وسابقا كان تدريس اللغة الإنجليزية في الجزائر يبدأ مع المستوى المتوسط، في حين ظلت اللغة الفرنسية اللغة الأجنبية الأولى في المناهج التربوية في البلاد، إذ يشرع في تدريسها منذ المرحلة الأولى من التعليم.
وفي يونيو الماضي، أمر الرئيس عبد المجيد تبون، خلال ترأسه اجتماعا لمجلس الوزراء، باعتماد اللغة الإنجليزية بدءا من المستوى الابتدائي، وهذا بعد "دراسة عميقة للخبراء والمختصين".
انفتاح على الإنجليزية
وقد شكّل إدراج اللغة الإنجليزية في المقرر الدراسي بالجزائر ابتداء من السنة الثالثة ابتدائي، جدلا واسعا في الأوساط التربوية والثقافية، فيما يعتبر مراقبون أن الجيل الجديد بدأ في التحضير لتعلم الإنجليزية عندما تحول إلى مدارس التكوين الخاصة التي انتشرت بكثافة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة.
ويرى المستشار التربوي، كمال نواري، أنه تم الشروع في التحضيرات لإنجاح عملية إدراج مادة اللغة الإنجليزية في الطور الإبتدائي منذ إعلان رئيس الجمهورية باعتماد هذه اللغة، وهذا بعد دراسة عميقة للخبراء والمختصين.
وأكد نواري، في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الخطوة ستنجح بالنظر إلى جدية التحضيرات وتحمس الجميع سواء سلطات أو أولياء تلاميذ لإدخال هذه اللغة المهمة في التعليم الإبتدائي بما أنها لغة فرضت نفسها دوليا وكرست نفسها لغة للعلم والاقتصاد والتكنولوجيا".
وعاد نواري إلى "تجربة سابقة خلال تسعينيات القرن الماضي، في تعليم اللغة الإنجليزية في الطور الإبتدائي، لكنها كانت فاشلة" وفق رأيه، بسبب وضعها في خانة الاختيارية ولم تكن مثل هذه المرة إجبارية، وهو الأمر الذي اعتبر بأنه سيساهم في إنجاح الخطوة، علاوة على الإمكانيات البشرية والمادية المجسدة في الميدان.
تكوين أولي
يتابع أولياء التلاميذ، في الجهة المقابلة، عن كثب خطوة تدريس الإنجليزية، وفيما ينتظر البعض بداية الموسم الدراسي لجلوس التلاميذ على مقاعد الدراسة لمعرفة مستوى تعليم هذه المادة الجديدة بالنسبة إليهم، اختار البعض الآخر تكوينا أوليا لأبنائهم في مدارس خاصة متخصصة في اللغات الأجنبية.
واعتبرت عضو مكتب الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، فتيحة باشا، أن "الجزائر بلد منفتح على جميع اللغات الحية في العالم، وأنهم كأولياء تلاميذ لا يتخوفون من تدريس أي لغة وإنما هم في انتظار تجسيد كل الإجراءات البيداغوجية والمادية لإنجاح مسعى إدخال الإنجليزية إلى المقرر الدراسي".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، شددت فتيحة باشا على "كفاءة الأساتذة وضرورة إيلاء تكوين جيد لهم من الناحيتين البيداغوجية والنفسية"، داعية إلى وضع تقنيات جديدة ومرونة في تعليم أطفال صغار لغة جديدة عليهم مع ضرورة المتابعة المستمرة للأساتذة والبرنامج الدراسي المخصص لهذه المادة.
مراكز خاصة
وفي السنوات الأخيرة، شهدت مراكز الدعم الخاصة لتعليم اللغات الأجنبية إقبالا كبيرا من طرف الشباب الجزائريين الباحثين على فرصة التحصل على شهادات إتقان لغة "شكسبير" لأسباب مختلفة، فبعضهم من أجل الدراسة والبعض الآخر من أجل الهجرة، وهذا رغم ارتفاع أسعار التعلم المعتمدة على صيغة المستويات.
ويؤكد أستاذ لغة إنجليزية بإحدى مراكز الدعم الخاصة، (علي.ف) أن "هناك إقبالا كبيرا من طرف الطلبة على تعلم اللغات الأجنبية بشكل عام وإقبالا كبيرا على اللغة الإنجليزية بشكل خاص".
ويشرح الأستاذ ذاته لـ"موقع سكاي نيوز عربية" الأسباب التي أصبحت تدفع طلبة الإبتدائي والمتوسط على تعلم الإنجليزية، مرجعا ذلك إلى "الأهمية التي أصبحت توليها المنظومة التربوية لهذه اللغة، إضافة إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في الترويج للغة شكسبير كلغة مستقبل على عكس لغة موليير".
ويرى المتحدث أن مستوى طلبته في مادة الإنجليزية "مقبول جدا وهناك إرادة مشتركة بين الأولياء والأبناء على تعلم هذه اللغة المهمة".