العراق بلد يعوم على بحر من الثروة النفطية، لكن تلك الثروة لا تصل بأي صورة كانت إلى ربع السكان الذين يرزحون تحت خط الفقر، وفق أرقام رسمية، لكن تقديرات أخرى تفيد بنسبة أكبر بكثير.

ما هي الأرقام الرسمية؟: قالت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن 9 ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر في العراق.

ووردت هذه الأرقام الحديثة حول أعداد الفقراء بالعراق على لسان مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة بالوزارة ذكرى عبد الرحيم، في تصريحات لقناة "العراقية" الرسمية. 

وقالت عبد الرحيم إن عدد الأسر العراقية المستفيدة من برامج الرعاية الاجتماعية يبلغ مليونا و400 ألف أسرة، فيما يبلغ عدد الأسر المستحقة لرواتب دائرة الرعاية 3 ملايين أسرة.

قبل جائحة كورونا وتحديدا في عام 2019، أصدرت السلطات العراقية بيانات تقيد بأن نسبة الفقر في البلاد بلغت 22.5 في المئة، وهذا يعني أن نسبة الفقر زادت ولم تقل. 

أسباب تفشي الفقر في العراق حسب الخبراء 

  • الحرب على تنظيم داعش وما رافقها من دمار هائل.
  • فيروس كورونا وتداعياته الكارثية.
  • التغير المناخي علما أن العراق من أكثر دول العالم تأثرا بهذه الظاهرة.
  • الفساد المستشري بين السياسيين.

تقديرات مغايرة

يرى مختصون وخبراء اجتماعيون أن هذه الأرقام الرسمية رغم ارتفاعها لا تعكس في الواقع العدد الحقيقي لفقراء العراق الذي هو أعلى بحسب تقديراتهم، محذرين من التداعيات الخطيرة لتفاقم ظاهرة الفقر بالبلاد على شتى الصعد. 

ويقول الباحث الاجتماعي والحقوقي وعضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، علي البياتي، لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا توجد إحصاءات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المئة من سكان العراق هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أميركي أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي".

ويشير البياتي إلى أن نسبة الفقر المسجلة في العراق عام 2012 كانت في حدود 18 في المئة، لكن أعداد الفقراء شهدت ارتفاعا مخيفا منذ ذلك التاريخ، مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي وما تبعه من نزوح ودمار، وصولا لتفشي فيروس كورونا وتداعياته الكارثية، وآثار التغير المناخي وخاصة في مناطق الوسط والجنوب.

ويقول: "لجملة هذه الأسباب، فإن الأرقام الفعلية لنسبة الفقراء هي أكبر بكثير، إذ تصل لما فوق 30 بالمئة كحد أدنى، وحتى النسب التي تعلنها الجهات الرسمية هي أيضا غير قليلة، حيث تشير لوجود 9 ملايين عراقي تحت خط الفقر، والذين لا يكفي دخل الواحد منهم لوجبة طعام فردية واحدة باليوم".

وما يزيد الطين بلة، بحسب البياتي، أن "الدولة لا توفر الخدمات الأساسية للمواطنين من رعاية اجتماعية وسكن وطبابة ونقل، وحتى المتوفر منها في القطاع العام فهي رديئة جدا".

أخبار ذات صلة

الرئيس العراقي يطرح "مخرجا للأزمة".. والكاظمي يلوح باستقالته
العراق.. الموجة القاسية في البصرة تلهب "بورصة الثلج"
أهوار العراق تحتضر.. إليكم القصة الكاملة 
تقرير: دولتان عربيتان بين أكثر 5 شعوب غضباً في العالم

مبادرات الحل

ويرى البياتي أن هناك مبادرات لمواجهة هذه الظاهرة كالخطة الوطنية لمكافحة الفقر، وثمة شراكات بصددها مع جهات دولية عديدة كالبنك الدولي، لكنها مع الأسف غالبا تبقى حبرا على ورق ولا تجد طريقها للتطبيق"،

ويقول إن "اعتماد العراق على العائدات النفطية جعله ومواطنيه رهينة تقلبات أسعار النفط، كما لاحظنا مثلا في ظل تفشي جائحة كورونا خلال العامين الماضيين".

ويتابع: "كما أن البنى التحتية للبلاد وفق التقديرات المختصة هي بحاجة لنحو 88 مليار دولار لاعادة تأهيلها، ويعاني القطاع الزراعي من الركود والتراجع بفعل غياب الخطط الاستثمارية وتغيرات المناخ وشح المياه، كما أن قطاعات الطاقة الحيوية للنهوض بالصناعة والاقتصاد، كالكهرباء تعاني من مشكلات بنيوية، حيث يتم استيرادها من دول الجوار ما يثقل كاهل الميزانية".

فتش عن الفساد

يقول الأكاديمي والباحث العراقي قاسم صالح، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "السبب الرئيس وراء ارتفاع عدد الفقراء هو الفساد المستشري بصفوف الطبقة السياسية، حيث ومنذ العام 2003 ولغاية 2018 تسبب الفساد المالي والإداري بسوء صرف وهدر أكثر من ترليون دولار أميركي، جلها مداخيل جناها العراق تبلغ قرابة 800 مليار دولار".

ويضيف صالح أن "عدد مَن هم تحت مستوى خط الفقر يزيد بملايين على الرقم المعلن، رغم أن العراق هو من أغنى بلدان المنطقة والعالم بثرواته الطبيعية والبشرية".

استرداد الأموال المنهوبة

الحل، حسب صالح، يكون بتشكيل حكومة تكنوقراط وخبرات تقوم بأمرين اثنين:

  • الأول: إنشاء محكمة بقضاة مستقلين سياسيا لمحاكمة الفاسدين واسترداد المليارات المنهوبة لخزينة الدولة، التي لو استردت بالكامل لقفزت حصة الفرد العراقي الواحد من الدخل إلى 50 مليون دينار عراقي أي نحو 35 ألف دولار.
  • الثاني: وضعها لاستراتيجية علمية وتنموية تنفذ على مراحل للحد من البطالة وتوفير فرص العمل وتبدأ بخريجي الجامعات والمعاهد.

 ويختم الأكاديمي العراقي بالقول: "هذا كله لن يتحقق بطبيعة الحال في ظل انشغال الفرقاء السياسيين بالصراع على السلطة والمناصب، والذين لا مكان لقضايا مثل مكافحة الفقر على أجنداتهم وأولوياتهم".