أثارت التطورات المتسارعة الأخيرة في الساحة العراقية المخاوف من استغلال تنظيم "داعش" لهذه الأزمة، وتصعيد هجماته الإرهابية.
وقررت قيادة العمليات المشتركة رفع حظر التجول المفروض في العراق، يوم الثلاثاء، بعد أن دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مؤيديه إلى الانسحاب من الشوارع.
وكشفت مصادر طبية صباح الثلاثاء عن ارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات في بغداد إلى 23 قتيلا وما يزيد على 500 جريح، بعد اشتباكات في المنطقة الخضراء.
وتداولت وسائل الإعلام المحلية العراقية نقلا عن مصادر أمنية، خبر تسلل عناصر من "داعش"، يوم الاثنين، للطريق العام الرابط ما بين مدينتي كركوك والسليمانية شمالي العراق، وخطفه لشابين من أهالي ناحية ليلان، حيث عثرت الجهات الأمنية فيما بعد على أحدهما منحورا.
ووفق خبراء في شؤون الجماعات الإرهابية، فإن نجاح "الدواعش" في الوصول لطريق رئيسي وحيوي مثل الذي يربط بين محافظتي كركوك والسليمانية، مؤشر مقلق يستدعي من الجهات الأمنية المعنية في الحكومتين الاتحادية ببغداد والإقليمية في أربيل، المسارعة لتدارك هذا الخرق الأمني الكبير.
خطر "داعش"
وتعليقا على فرص "داعش" للاستفادة من تأزم الوضع العراقي، يقول سرتيب جوهر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "علينا عدم الاستهانة بقدرة داعش على الاستفادة من التناقضات السياسية الحادة الآن في العراق، وتوظيفها لصالحه ولصالح إعادة تنظيم صفوفه، والمبادرة بتصعيد وتيرة عملياته الإرهابية في مختلف المناطق العراقية".
وأضاف الخبير بشؤون الجماعات الإرهابية: "تسلل عناصر داعش للطريق العام الرابط ما بين مدينتي كركوك والسليمانية، هو تطور خطير جدا كون هذه الطريق مزدحمة بشكل متواصل بحركة السيارات والشاحنات والحافلات التي لا تهدأ، ويفترض أنها مغطاة أمنيا، ما يعني أن ما حدث يمثل خرقا بالغ الخطورة، وما يزيد من خطورته تزامنه مع الأزمة المحتدمة بالبلاد وخاصة في العاصمة بغداد".
وعن سبل منع توظيف "داعش" للأزمة العراقية الحالية، قال جوهر: "الخطوة الأهم قبل كل شيء هي معالجة الاحتقان السياسي الحاد في البلد بالطرق السلمية والدستورية، ومن ثم تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الحكومة العراقية وكردستان، وخاصة في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك والتي ينشط فيها الدواعش عادة مستفيدين من الرخاوة الأمنية في تلك المناطق، وتحديدا في المساحات الفارغة التي تفصل ما بين القوات العراقية الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية".
وبدوره توقع الكاتب والباحث في الشأن العراقي علي البيدر، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن يصعّد "داعش" من عملياته مستغلا هذه الأوضاع المضطربة، مضيفا: "لن يستطيع التنظيم العودة بقوة كما كان الحال خلال الأعوام الماضية وخاصة من 2014 ولغاية 2017، فالتنظيم لا يملك الآن كما يجب المال ولا السلاح ولا الحاضنة الاجتماعية وهو بذلك لم يعد قادرا على تجنيد العناصر الجديدة واستقطابهم ولا إدخالهم من خارج البلاد، وتراجعت بالتالي قدرته على زرع الخلايا".
ويوضح البيدر أن "داعش خارج المعادلة تماما، وهذا لا يعني أنه ليس بمقدوره مهاجمة نقاط أمنية نائية، أو خطف مواطنين من طرق عامة، لكن في المحصلة فإن التنظيم الإرهابي بات بلا تأثير ملموس على المشهد العراقي المأزوم ومجرياته ومآلاته".
وفي نهاية عام 2017، أعلن العراق القضاء على تنظيم "داعش" بعد تقويض قدرات التنظيم الإرهابي، الذي احتل في 2014 نحو ثلث أراضي البلاد ومن ضمنها مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، لكن التنظيم ينفذ بين الفينة والأخرى وخاصة خلال الشهور الماضية عمليات هجومية تستهدف عسكريين ومدنيين عراقيين، في العديد من المحافظات مثل كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين .