تتصاعد أزمة النقل والمواصلات في سوريا بفعل ارتفاع أسعار المحروقات وشحها، ما انعكس تاليا على ارتفاع في أجرة وسائل نقل الركاب على اختلافها.
ودخل حيز التطبيق قانون كانت قد أقرته مؤخرا الحكومة السورية يقضي بتركيب أجهزة التعقب وتحديد المواقع "GPS" في مختلف وسائل النقل العامة من باصات وسيارات أجرة.
ويرمي القانون إلى ضمان عدم بيع المحروقات المدعومة حكوميا، والتي يحصل عليها سائقو ومالكو وسائل المواصلات تلك في السوق السوداء، ولوضع ضوابط لإلزامهم بالتقيد بعملهم بمهنية، بما يسهم في تخفيف وطأة الأزمة حيث وسائل النقل المتوفرة لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد على خدمات النقل الداخلي وعلى وجه الخصوص في مدن رئيسية ومكتظة كالعاصمة دمشق .
ارتياح شعبي
وقد خلق القرار حالة من الارتياح العام لدى المواطنين وخاصة من قبل محدودي الدخل ومتوسطيه، ممن يعتمدون بشكل يومي كالطلاب والموظفين والحرفيين في تنقلاتهم داخل المدن الكبرى وفي مختلف البلدات على وسائل النقل العام، كالباصات الصغيرة، وسيارات الأجرة.
وفي هذا السياق صرح عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في دمشق مازن دباس لصحيفة الوطن المحلية، أن أصحاب 4 آلاف وسيلة نقل بالعاصمة سددوا في الفرع التجاري السوري وقدموا ما يثبت دفع كل سائق منهم مبلغ 350 ألف ليرة (نحو 80 دولار) أي ما مجموعه 1.4 مليار ليرة، مقابل تركيب أجهزة GPS على مركباتهم.
وأشار إلى أن المهلة التي منحتها المحافظة لدفع رسم الجهاز تنتهي أواخر الشهر الجاري، وبعده من المقرر أن تصدر إجراءات عن المحافظة بخصوص الآليات غير الملتزمة، حيث يصل عدد وسائل النقل العام إلى 8500 آلية، موضحا أنه سيتم إيقاف التزود بالمحروقات المخفضة لمن لا يمتثل للقرار.
يشمل سيارات الأجرة
وحول شمول سيارات الأجرة بهذا النظام، قال دباس: "سيتم إلزام التكاسي خلال المرحلة القادمة بتركيب الجهاز، حيث أن تركيبه يشمل كل وسيلة نقل تحصل على المحروقات بالسعر المدعوم، لتحقيق الغاية من الجهاز".
الارتقاء بقطاع النقل
وتعليقا على أهمية هذا القرار ودوره في معالجة أزمة المواصلات العامة وارتفاع أسعارها الذي يثقل كاهل السوريين، يقول المستشار الاقتصادي في الحكومة السورية زياد عربش، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "اعتماد نظام GPS في منظومة النقل العام داخل المدن وبين المدن والأرياف ليس فقط إجراء تقنيا لتحسين إدارة وتسيير قطاع نقل الأفراد والركاب، بل هو يندرج ضمن سلسلة من الإجراءات الهادفة للاستفادة القصوى من استهلاك مشتقات الطاقة كالمازوت والبنزين.
وأضاف: "كما أنه يهدف إلى تأمين حاجات التنقل والمواصلات على تعددها وتشعبها كقطاع خدمي وحيوي للتنقل بين المساكن وأمكنة العمل أو الدراسة أو لتلبية احتياجات الناس لتأمين متطلباتهم الحياتية اليومية".
ويسهب المستشار الاقتصادي الحكومي في شرح حسنات هذا القرار وتبعاته الايجابية، بالقول: "بتطبيق هذا النظام ستكون المخصصات المحددة لوسائط النقل الجماعي متجهة بالكامل نحو التخديم الفعلي للمواطنين، حيث كانت الممارسات الملتبسة والملتوية تشكل عائقا أمام تحقيق العرض الكافي من وسائط النقل مقارنة بعدد الركاب الفعلي، ومن المتوقع حتى مع بقاء المخصصات على حالها، أن تنتهي مشاكل الازدحام في المواقف والكراجات ومحطات وجهات الركاب، كون مسار أي باص أو سيارة أجرة يصبح متابعا ويعطى مستحقاته بحسب المسافات المقطوعة فعليا".
ويختم عربش قائلا: "يقدر المعنيون بأن يحقق هذا النظام وفرا قد يصل إلى حد 50 بالمئة، مما ينعكس إيجابا على الجميع وعلى رأسهم المواطنون الركاب، طالما أصبحت وسائط النقل متوفرة فعليا، وهكذا فإن متابعة إجراءات ترشيد استهلاك مشتقات الطاقة على العموم تحد من الهدر وتوفر القطع الأجنبي لاحتياجات عديدة ذات أولوية في البلاد".
ووفق وسائل الإعلام المحلية السورية سيتم تعميم هذا القرار الحكومي على جميع المحافظات لاحقا، والذي دخل حيز التنفيذ أولا في العاصمة دمشق.