أعلنت السلطات الصومالية، الأحد، تحرير نحو 105 رهائن، احتجزتهم حركة الشباب الإرهابية داخل فندق في العاصمة مقديشيو لمدة تجاوزت 30 ساعة، فيما قتل ما يزيد عن 12 شخصا على يد مسلحي الحركة، قبل أن تنجح قوات الأمن (النخبة الصومالية) في القبض على معظمهم، وقتل بعضهم.
الهجوم وصفته تقارير محلية بأنه الأكبر منذ تولي الرئيس، حسن شيخ محمود، منصبه في مايو الماضي، لكنه ليس الأول من نوعه بالنسبة لحركة الشباب، التي نفذت عشرات العمليات بمناطق شتى بالبلاد خلال السنوات الماضية.
ويخشى مراقبون من توغل عمليات حركة الشباب خلال الفترة الحالية، وما تمثله من تداعيات خطيرة لزيادة نفوذ الحركة الإرهابية وتعزيز قدراتها العسكرية وتنوع مصادر تمويلها.
وقال الباحث السياسي الصومالي والأكاديمي المختص بالعلاقات الدولية، أحمد جيسود، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "حركة الشباب الإرهابية أصبحت تمثل خطرا متفاقما في البلاد، وعائقا أمام عملية البناء المستمرة في الصومال، من أجل تجاوز الأزمات".
ونوه جيسود إلى أن الحركة "تعرقل كافة الجهود الدولية التي تستهدف إقرار الأمن والسلام بالدولة، التي ما لبثت أن تتعافى من تداعيات الحرب الأهلية والنزاعات، وما نتج عنها من أزمات اجتماعية واقتصادية".
تهديد إقليمي
وفي حديثه، أشار جسيود إلى "الخطر الكبير الذي تمثله الحركة على المحيط الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي، خاصة أنها بدأت بتنفيذ عمليات خارج الحدود الصومالية، تستهدف دول الجوار، منها على سبيل المثال بعض الهجمات في كينيا، والحدود مع الدول المجاورة".
وبالرغم من العدد القليل لعناصر حركة الشباب، الذي تقدره تقارير أممية بأنه لا يتجاوز 700 شخصا، بأقصى تقدير، فإنها استطاعت اختراق بعض المناطق المحصنة، في قلب العاصمة، أبرزها حصار فندق "حياة"، الذي يقع به مقر جهاز المخابرات الصومالية، بحسب جسيود.
وأشار الباحث الصومالي إلى "خطورة وصول عناصر الحركة لتلك المناطق ذات الحساسية الأمنية داخل العاصمة، بالرغم من تواجد القوات الحكومية التي تقدر أعدادها بنحو 30 ألفا، والقوات الدولية عددها حوالي 26 ألفا من عناصر حفظ السلام".
هل يحتاج الصومال إلى دعم عسكري جديد؟
وبحسب جيسود، فإن الحكومة والسلطات الأمنية، تحتاج إلى جانب القوات الدولية المتواجدة لحفظ السلام في الصومال، إلى "مراجعة خطتها فيما يتعلق بالتصدي لعمليات الحركة الإرهابية، في ضوء تحقيق الثانية اختراقا للعملية الأمنية والوصول بعملياتها إلى قلب المناطق المحصنة".
وبسؤاله عن مدى احتياج الصومال لدعم دولي عسكري جديد، لمواجهة الحركة، أكد الباحث الصومالي "ضرورة تحقيق دعم عسكري ومادي ولوجيستي في أقرب وقت، لوضع خطط أكثر حسما للتصدي لهجمات تلك الحركة الإرهابية، خاصة أن العمليات لا تستهدف الصومال فقط، لكنها تمتد في منطقة القرن الإفريقي التي تستهدف الحركة السيطرة عليها بشكل كامل".
وعوّل جيسود على "أهمية الدعم العربي، خاصة الدول التي لديها تاريخ في مواجهة الإرهاب والتصدي له، لمساعدة مقديشيو في تجاوز أزمتها والقضاء على نشاط الحركة الإرهابية".
ماذا حدث في فندق "حياة" الحكومي؟
هاجم مسلحون في حركة الشباب الإرهابية، الجمعة، فندق "حياة" في العاصمة الصومالية مقديشو. واستدعى الهجوم على الفندق اشتباكا عنيفا بين قوات الأمن والمسلّحين، قبل أن يتم تحرير الرهائن صباح الأحد، وفق ما أفاد المسؤول الأمني عبد القادر حسن لوكالة فرانس برس.
وفندق "حياة" هو جهة مفضلة يرتادها أعضاء البرلمان ومسؤولون حكوميون آخرون. وهجوم الجمعة هو أول هجوم كبير منذ تولي الرئيس حسن شيخ محمود منصبه في مايو.
وكانت حركة الشباب قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات مماثلة في السابق، ففي أغسطس 2020، أعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجوم على فندق آخر في مقديشو سقط فيه ما لا يقل عن 16 قتيلا.
وتشن حركة الشباب، التابعة إلى تنظيم القاعدة، حربا في الصومال منذ نحو 15 عاما، ويقدر عدد مقاتليها بما يتراوح بين 7 و12 ألف مقاتل، وتنفق 24 مليون دولار سنويا.
ووفقا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، نُشر في مارس الماضي، تعد الصومال من أكثر الدول الإفريقية التي تعاني من عنف الجماعات الإرهابية، والنشاط الإرهابي في القارة السمراء.
ردع أميركي
وفي ظل تصاعد التهديدات الأمنية، قرر الرئيس الأميركي، جو بايدن، إعادة نشر القوات الخاصة الأميركية، لمحاربة حركة الشباب في الصومال والقرن الإفريقي.
وقرار بايدن جاء في أعقاب قرار بالإجماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالمصادقة على مهمة الاتحاد الإفريقي الانتقالية الجديدة في الصومال، وتفويض بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) لاتخاذ إجراءات ضد القاعدة و"داعش".
وبحسب المحلل السياسي الصومالي، نعمان حسان، "تخوض حركة الشباب حربا في الداخل الصومالي لتعظيم وجودها ومكانتها، في ظل التغير السياسي في مقديشو وتولي الرئيس المنتخب محمود، مقاليد السلطة، واتباع نهج أكثر حزما مع الجماعات الإرهابية".
وكان حسان قد أوضح في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن حركة الشباب "تعيش حالة من الضعف ونزيف القيادات، مع الضربات المكثفة التي وجهتها لها القوات الحكومية، والاستهداف الأميركي لقيادات الحركة عبر الطائرات المسيرة".
لكنه أشار في الوقت نفسه، إلى أن حركة الشباب "تكثف العمليات من أجل البحث عن موطئ قدم جديد للنفوذ".