تستكمل الحكومة المغربية مشروع إدماج الأمازيغية في عدد من القطاعات العمومية الحيوية، إذ أكدت المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2023 التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية، أن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في مختلف مناحي الحياة العمومية، يندرج ضمن أولويات العمل الحكومي.
يأتي ذلك، وفق المذكرة التي اطلع عليها موقع سكاي نيوز عربية، والتي تنص بالآتي: "تفعيلا للمقتضيات الدستورية، وهو ما يفرض على الحكومة، ومعها مختلف المتدخلين، تعبئة الجهود والموارد البشرية واللوجيستية والمالية الكفيلة بتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي للأمازيغية".
ومضت 11 سنة على دسترة الأمازيغية في المملكة، فيما تضمن البرنامج الحكومي الحالي، التزاما بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص وضخه بميزانية تصل مليار درهم بحلول عام 2025.
خارطة طريق لـ"الأمازيغية"
لغرض تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، "فقد أعدت الحكومة خارطة طريق تتضمن 25 إجراء تشمل إدماج الأمازيغية في الإدارات والخدمات العمومية، وفي التعليم، والصحة، والعدل، والإعلام السمعي البصري، والتواصل، والثقافة، والفن"، تضيف مذكرة رئيس الحكومة.
وكشفت المذكرة، أن "سنة 2023 ستعرف انطلاق مشروع تخصيص 300 موظف استقبال ناطقين بالأمازيغية، لمواكبة المرتفقين بمحاكم المملكة، والمستشفيات والمراكز الصحية. كما سيتم الرفع من وتيرة تنفيذ باقي الإجراءات خلال نفس السنة."
في هذا السياق، أكدت المستشارة لدى رئيس الحكومة في ملف الأمازيغية، أمينة بن الشيخ، "أن هذه مرحلة أولى لتشغيل 300 عون في مراكز الاستقبال بجميع مناطق المغرب وفي المحاكم والمستشفيات والمستوصفات، وهي عملية بطبيعة الحال ليست كافية، وستليها توظيفات أخرى عن طريق المناولة، وكذلك عن طريق التوظيف عبر تخصيص مناصب مالية في ميزانية الدولة لهذا المشروع ابتداء من السنة المقبلة".
وأضافت بن الشيخ، في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أنه سيتم أيضا في مرحلة ثانية "تعميم توفير الموارد البشرية مكونة في اللغة الأمازيغية في كل المرافق العمومية، بغرض تسيير ولوج المواطنين وقضاء حوائجهم بالإدارات العمومية بأريحية وسهولة تامة".
واعتبرت مستشارة رئيس الحكومة في ملف الأمازيغية، أن "ميزانية أي مشروع لن تكون كافية، بالأحرى ميزانية تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، مستدركة بأن "المهم هو العمل وتنفيذ المشاريع بما هو موجود الآن، مع المطالبة بالمزيد؛ لأن الأمازيغية ليست فقط لغة للتواصل، بل تتعداه إلى ما هو أعمق".
ميزانية مهمة لورش كبيرة
ضمن الخطوات التي تسير في اتجاه رد الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغية، يقول المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي (غير حكومية)، محيي الدين حجاج: "لاحظنا أن الحكومة ومنذ عرضها لبرنامجها أعطت إشارات واضحة في هذا الصدد، وهو ما تبعته عدة إجراءات عملية، ومنها هذا الإجراء الأخير المتمثل في توظيف العنصر البشري".
في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أوضح حجاج أنه "في ظل وجود إرادة سياسية لهذه الحكومة للنهوض بالأمازيغية، فإن الغلاف المالي المخصص لذلك هو نقطة بداية فقط، باعتبار الحكومة الحالية على الأقل أخرجت الأمازيغية من صفر درهم منذ حصول المغرب على الاستقلال إلى غلاف مالي مهما اختلفنا في قيمته مقارنة بهذا الورش الكبيرة".
لهذا "سنتفق من حيث المبدأ أن الميزانية المخصصة للأمازيغية، ستحل عدة إشكالات ارتبطت بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ومنها توظيف الموارد البشرية اللازمة لهذا التفعيل خصوصا في القضاء والإدارات العمومية"، يردف نفس المصدر.
تعزيز اللحمة الوطنية
غير بعيد عن هذا الرأي، يقول الناشط الأمازيغي، ياسين عمران في اتصاله بـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "هناك رغبة سياسية ودينامية حكومية في معالجة ملف القضية الأمازيغية، لكننا نسجل بالرغم من النوايا الحسنة التي أبانت عنها الحكومة الحالية في التعاطي الإيجابي مع الأمازيغية، أن هناك بعض التأخر في تسريع وتيرة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في بعض القطاعات المؤسساتية".
وطالب الفاعل والناشط الأمازيغي، الحكومة المغربية بالتمييز الإيجابي لصالح الأمازيغية، وتسريع وتيرة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؛ لاسيما في التعليم والإعلام والقضاء والإدارة العمومية ومختلف مناحي الحياة العامة"، إضافة إلى "تحقيق العدالة الثقافية واللغوية لتعزيز حضور الأمازيغية ولتعزيز اللحمة الوطنية".
من جهته، نبه المنسّق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، محيي الدين حجاج، "الفاعل الحكومي إلى الوعي بأن القضية الأمازيغية تتجاوز في جوهرها مسألة التنزيل، بل هي في حقيقة الأمر تتعلق أولا وقبل كل شيء بمسألة القيم والثقافة الوطنية التي هي مشترك لكل المغاربة ناطقين بالأمازيغية أو غير ناطقين".