بعد إنتاج الأسلحة الخفيفة من المسدسات والرشاشات خلال الأشهر الماضية، كشفت هيئة التصنيع الحربي العراقية، عن "مدفع التحدي"، كأول سلاح ثقيل، يُنتج محلياً، وسط دعوات لتعزيز هذا التطور، وعقد شراكات مع مؤسسات مختصة بصناعة السلاح، فضلاً عن شراكات مع الدول العربية.
وبدأ العراق منذ 2019، أولى خطواته الجدية لاستعادة العمل في صناعته العسكرية، عقب مصادقة البرلمان على قانون هيئة الصناعات الحربية بعد إلغائها في عام 2003 من قبل الحاكم المدني للعراق آنذاك بول برمير.
وأعلنت هيئة التصنيع الحربي في العراق، الخميس، إجراء تجربة ناجحة لـ"مدفع التحدي"، أول مدفع عراقي الصنع بعد عام 2003 وبكوادر عراقية، بحضور عدد من القادة العسكريين.
وقال رئيس هيئة التصنيع الحربي المهندس محمد صاحب الدراجي: إن "مصانع الهيئة تمكنت من إنتاج مدفع التحدي الذي يعتبر نموذجاً من المدفع العالمي دي 30"، مشيراً إلى أن "صناعة هذا المدفع، تمت بكتيبة كاملة، حيث أنتجت 20 مدفعاً في العراق بجهود عراقية خالصة من قبل أبناء هيئة التصنيع الحربي".
وأضاف في تصريح له، أن "صناعة العراق مثل تلك المدافع سيسهم بتحقيق الأمن القومي للبلاد، إضافة إلى تحقيق فائدة اقتصادية، لأن سعر إنتاج هذه الأسلحة هو أقل من نصف الشراء والاستيراد من الخارج".
وبين أن "تمكن الكوادر الفنية والهندسية في هيئة التصنيع الحربي من إنتاج المدافع يعد خطوة جبارة لدعم قدرات الجيش العراقي في الدفاع عن أرض العراق وشعبه".
تعزيز الترسانة العسكرية
ويعد مدفع D- 30 من الأسلحة المتميزة في إمكانياته، ويعتبر من أفضل أسلحة مدفعية الميدان في العالم، كما يتميز بخفة الحركة والقدرة على الضرب، في جميع الاتجاهات، كما أنه ذو دقة عالية في إصابة الأهداف، ويمكنه إحداث الثغرات في حقول الألغام، وإنتاج ستائر الدخان، وإضاءة أرض المعركة ليلاً، ويستغرق إعداده للضرب من وضع التحرك نحو 90 ثانية.
وتتصاعد المطالب الشعبية بشكل متكرر، حول ضرورة تعزيز الترسانة العسكرية العراقية، بأسلحة متطورة، في ظل الانتهاكات التي تتعرض لها الأراضي العراقية، من بعض الدول المجاورة، ما يتطلب جهوزية المؤسسة الأمنية، تحسباً للطوارئ.
ولا يمتلك العراق لغاية الآن أسلحة حديثة، أو طائرات قادرة على الهجوم، أو التصدي للعدوان الخارجي، مثل F35، لكنه يمتلك طائرات كورية، وأخرى من طراز F16، الرابضة في قاعدة بلد، بمحافظة صلاح الدين، حيث كانت قبل أشهر، تحت مرمى نيران الفصائل المسلحة، ضمن صراعها مع الولايات المتحدة، ما عرضها إلى الخطر، والتوقف.
وأسس العراق أسس خلال تسعينيات القرن الماضي خمسة معامل ضخمة لتصنيع المعدات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي تشمل المدافع والقذائف والمسدسات والمعدات المختلفة.
وفي نهاية عام 2021، عقد العراق مباحثات مع بولندا في وارسو، تتعلق بآفاق الشراكة الاستراتيجية في مجال التصنيع الحربي بين البلدين، ونقل التكنولوجيا الحديثة، والعمل على تحديث المعدات العسكرية.
وشهد العراق مؤخراً تطوراً في صناعته الحربية، إذ أنتج حتى الآن مدفع "التحدي"، وطائرة "صقر 1" المسيَّرة، ومسدس بابل، فضلاً عن بندقية الرافدين، بالإضافة إلى إنتاج أجهزة اتصالات مختلفة، ونواظير ليلية، وكاميرات حرارية، ومنتجات أخرى بصدد إنتاجها خلال المرحلة المقبلة.
خطوات مشجعة
في هذا الإطار يرى المحلل الاستراتيجي، حميد العبيدي، أن "خطوات الحكومة العراقية، في هذا المجال، مشجعة، وهي تبعث على التفاؤل بإمكانية عودة العراق، كبلد مصنّع للأسلحة، في المنطقة، وليس مستهلكاً، وهذا ما سيجعله محط أنظار الجميع".
وأضاف: "أن تعزيز ترسانته العسكرية، بمثل تلك الأسلحة، سيحد من تدخلات دول الجوار، التي تستهين غالباً بالقوة العسكرية العراقية، كما حصل مؤخراً عندما قصفت تركيا، منتجع سياحياً في دهوك".
وفي تصريح لموقع"سكاي نيوز عربية"، أكمل العبيدي قائلا: إن "تلك الخطوات بحاجة إلى تعزيز سريع، وشراكات مع دول أجنبية وعربية، خاصة وأن الكثير من دول الخليج العربي، ومصر، حققت خطوات واعدة في مجال التصنيع الحربي، ما يستدعي إعادة فتح خطوط التعاون بين تلك الأطراف، وصولاً إلى إنتاج مشترك".
ولفت إلى أن "الأجهزة الأمنية العراقية، بحاجة إلى مختلف الأسلحة، بعد الحرب التي خاضتها ضد تنظيم داعش، وما سبقها من انهيار الجيش العراقي السابق، وفقدان أغلب معداته العسكرية، ما يجعل الإقبال على التصنيع المحلي من قبل الوزارات المعنية، كبيراً".