دخل ملف تشكيل الحكومة العراقية نفقا مظلما، بعد اقتحام أنصار مقتدى الصدر، المنطقة الخضراء، ودخول مبنى البرلمان العراقي، فيما تواصل تنظيمات التيار، التحشيد بشكل واسع، ليوم السبت المقبل.
ودخل الآلاف من أتباع الصدر، المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط العاصمة بغداد، حيث رددوا هتافات مؤيدة له ومناهضة لقوى "الإطار التنسيقي" المدعوم من إيران، قبل أن يدعو الصدر أنصاره إلى الانسحاب، قائلا في تغريدة على "تويتر": "وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين، صلوا ركعتين وعودا لمنازلكم سالمين".
وجاء التحرك الصدري، احتجاجاً على ترشيح قوى "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني، لمنصب رئاسة الحكومة، وهو قيادي سباق في حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي، الغريم التقليدي للصدر.
وسرت أنباء مساء الأربعاء، عن قرب انسحاب السوداني من هذا الترشح، لاحتواء الغضب الصدري، لكن "الإطار التنسيقي" نفى ذلك، وأعلن إصراره على ترشح السوداني، والمضي بمسار تشكيل الحكومة.
ووجد السوداني، وهو نائب مقبول نسبياً من مختلف الأوساط السياسية، نفسه في خضم معركة كبيرة، ليس طرفاً فيها، بل ويدفع ضريبة الصدام التاريخي بين مقتدى الصدر ونوري المالكي.
قوى الإطار تصر على السوداني
ويرى مراقبون أن عدول السوداني عن الترشح قد يُرضي الصدر، الغاضب من استفزاز "الإطار التنسيقي"، الذي استغل انسحابه من العملية السياسية، ليستفرد بعملية تشكيل الحكومة ويتجاهل رؤيته أو مطالبه.
لكن قوى الإطار ما زالت تُصر على ترشيح السوداني لهذا المنصب، ولم تبدِ مرونة في إمكانية استبداله، وهو ما يدخل البلاد في مرحلة حرجة أخرى، قد يتأخر فيها تشكيل الحكومة عدة أشهر.
بل وزادت قوى الإطار من "استفزازها" للصدر، عبر استقبال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قآاني. ففي الوقت الذي كانت فيه الجماهير الصدرية، تقتحم مبنى البرلمان العراقي، كانت على الضفة الأخرى، قوى الإطار، تعقد اجتماعاً بمشاركة قآاني، وهو ما اعتُبر خطوة تصعيدية.
بل ذهب رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، إلى أبعد من ذلك، عندما نشر مكتبه الإعلامي صوراً له وهو يحمل سلاحه، رفقة عدد من حمايته في المنطقة الخضراء، في إشارة إلى إمكانية المواجهة، وهو ما رأته أوساط سياسية وشعبية، دعوة صريحة للاقتتال.
وكان ظهور المالكي وهو مسلح لافتاً وغير معهود، إذ أنه اعتاد على ظهور موحد، بالملابس الرسمية، لكن حمله السلاح، وتحشيد حمايته الشخصية شكل صدمة في أوساط الشارع العراقي، وأوحى باستعداد السياسيين، إلى دخول في صدامات بينهم.
ويأتي ظهور المالكي بعد أيام على التسريب الصادم للأخير، والذي تحدث فيه عن جملة ملفات، واتهم قيادات كبيرة من مختلف المكونات بالإرهاب، والعمل على إشاعة الفوضى، وتهديد السلم المجتمعي.
محاولة أخرى
وفي خضم تلك التطورات، تسعى قوى "الإطار التنسيقي" إلى عقد جلسة جديدة للبرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف رئيس الوزراء، في مسعى للإسراع بإنجاز التشكيلة الوزارية لتخفيف الضغط الصدري.
وقال القيادي في الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، إن "هناك مساعيا وحراكا سياسيا من أجل عقد مجلس النواب جلسة خاصة يوم السبت المقبل مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد".
وأضاف الهلالي، في تصريح صحفي، أن "الإطار التنسيقي يعمل على الإسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ولهذا لا يريد أي عراقيل أمام هذا الحراك، وتأخير حسم انتخاب رئيس الجمهورية يؤثر على مجمل عملية تشكيل الحكومة".
وفي ظل التصعيد الحاصل والضغط الصدري، فإن الإبقاء على السوداني والمضي في مسار تشكيل الحكومة يبدو صعباً، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، مثل التهيئة لانتخابات جديدة، أو الإبقاء على حكومة الكاظمي لفترة أطول، أو أن تضطر قوى الإطار التنسيقي إلى تغيير السوداني، بشخصية أكثر مقبولية.
التخلي عن السوداني "وارد"
بدوره، يرى المحلل السياسي، عماد محمد أن "عدول قوى الإطار التنسيقي عن ترشيح السوداني وارد لاحتواء الغضب الصدري، وترشيح شخصية أكثر قبول لدى الجميع، على أن تكون مستقلة ومن غير قيادات الخط الأول الشيعي"، مشيراً إلى أن "الصدر أوصل رسالته بأنه رافض لترشيح السوداني".
وأضاف محمد، في تعليق لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الصدر يسعى من خلال تلك الفعاليات، استرداد جزء من الخسارة السياسية المتمثلة بانسحابه من مشاورات تشكيل الحكومة واستقالة نوابه في البرلمان، فضلاً عن إبقاء جماهيره مستنفرة، ونزع حالة الشك والريبة لديها، التي تولدت بعد قرار الانسحاب".
وبدأت استعدادات الصدريين إلى جلسة السبت المقبل، عبر التحشيد في مواقع التواصل الاجتماعي لتظاهرات جديدة، من خلال هاشتاغ "أليس السبت بقريب" والذي تفاعل معه عدد من قيادات التيار، مما يؤشر إلى وجود خطة لإطلاق تظاهرات أخرى، بالتزامن مع الجلسة المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وما زالت القوى السياسية الكردية تُجري مفاوضات بشأن هذا المنصب، وسط توقعات بدخول الجلسة بمرشحين (برهم صالح عن حزب الاتحاد الوطني، وريبر أحمد عن الديمقراطي الكردستاني)، على أن يُترك الخيار لأعضاء البرلمان.