تتسارع الأحداث في بغداد، عقب اقتحام آلاف من أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط العاصمة، فيما حذر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من المواجهة، قبل أن يأمر أن يأمر الصدر أنصاره بالانسحاب.
ودخل مئات من أنصار الصدر إلى مقر مجلس النواب العراقي وغرف اللجان الخاصة، حيث رددوا هتافات مؤيدة للصدر، ومناهضة لقوى "الإطار التنسيقي" المدعوم من إيران.
ودعا رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، المتظاهرين إلى الالتزام بسلمية التظاهرات، والانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء.
وقال الكاظمي في بيان: "ندعو أبناءنا المتظاهرين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين، والانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء".
وأضاف "سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام".
ودعا الصدر أنصاره إلى الانسحاب، وقال إنه رسالة للفاسدين.
وقال الصدر في بيان: "ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين.. جرة أذن، صلوا ركعتين وعودا لمنازلكم سالمين".
وبينما كانت حشود المتظاهرين في البرلمان العراقي، وتتجول بين أروقته، أصدرت قوى "الإطار التنسيقي" بياناً اتهمت فيه التيار الصدري، بإثارة الفوضى.
وذكر البيان، أنه "بعد أن أكملت قوى الإطار التنسيقي الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة رصدت ومنذ يوم أمس (الثلاثاء) تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي"، مشيراً إلى أن "ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير">
وأضاف البيان، "إننا نحمل حكومة تصريف الأعمال المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة الدوائر الحكومية ومنتسبيها والبعثات الدبلوماسية والأملاك العامة والخاصة ونطالبها باتخاذ إجراءات حازمة لحفظ الأمن والنظام ومنع الفوضى والممارسات غير القانونية ، كما ندعو أبناء شعبنا العراقي العزيز إلى مزيد من الوعي والحذر من مكائد الأعداء والتصدي لأي فتنة يكون الشعب وأبناؤه وقودا لنارها">
ما هي مطالب الصدر؟
وعلى رغم التعليقات الواردة من بعض قيادات التيار الصدري، بشأن رؤيتهم حول الحكومة المقبلة، فإن المطالب الأساسية لرئيس التيار مقتدى الصدر، غير معروفة لغاية الآن، وفيما إذا كان يريد اختيار شخصية غير محمد شياع السوداني، أو انسحاب "الإطار التنسيقي" من مشاورات تشكيل الحكومة، خاصة وأنه لم يعلن بشكل واضح عن مطلبه الأساس.
ورغم انسحابه من مشاورات تشكيل الحكومة، إلا أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بقي حاضرا في المشهد السياسي العراقي عبر بياناته المتكررة، وتعليقاته على خطوات قوى ”الإطار التنسيقي“.
وأعلن الصدر، الشهر الماضي، انسحابه التام من العملية السياسية، بعد ”فشل“ تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية التي كان يسعى إليها مع حلفائه من السنة والأكراد، في قرار أثار ضجة واسعة.
ويعيد هذا المشهد، ما حصل العام 2016، عندما اقتحم مئات من أتباع الصدر، المنطقة الخضراء، ومجلس النواب، وملاحقة عدد كبير من المسؤولين، بداعي مناهضة الفساد، قبل أن يأمرهم زعيمهم بالخروج من المنطقة شديدة التحصين.
من جهته، يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن "الهدف من هذا الاحتجاج بالأساس هو تغيير مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، ببديل مقبول لدى الصدر، الذي رأى في ترشيح شخصية من فريق المالكي، استفزازاً كبيراً له، لذلك لجأ إلى تحريك الشارع، فضلاً عن ضغط آخر يمارسه الصدر، لضمان مشاركة وازنة لحلفائه السابقين (الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة) في الحكومة المقبلة، بعدما رأى أن قوى الإطار التنسيقي تمارس ضدهما إجراءات شبه عقابية، لتحالفهما السابق معه".
ويرى محمد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الصدر يريد كذلك بث الروح في أتباعه بعدما دبّت الحيرة والارتياب بشأن قراره القاضي بالانسحاب التام من مباحثات تشكيل الحكومة، واستقالة نوابه (73 نائباً)، وهو ما ولّد حالة من الترقب والشك، بين صفوف التيار، لذلك لجأ إلى جملة إجراءات، مثل إحياء الصلوات الموحدة، والتظاهرات المستمرة، بهدف إبقاء أنصاره مستنفرين".