تشكل الثقافة أحد الركائز الرئيسية التي تستند عليها الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، حيث يتفق البلدان على أهمية الثقافة ودبلوماسيتها العابرة للحدود في تجسير العلاقات بين الدول والشعوب وتعزيز مبادئ التسامح وتقبل الأخر.
وتعود العلاقات الثقافية بين البلدين، إلى بدايات قيام دولة الإمارات، حيث سعى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى مدّ جسور التعاون والتواصل الثقافي بين الإمارات وفرنسا، وكانت أولى نتائج جهوده في هذا المجال افتتاح مدرسة "ليسيه لويس ماسينيون" الفرنسية في أبوظبي عام 1972، وتأسيس الرابطة الثقافية الفرنسية في أبوظبي في عام 1974.
وعلى مدى 50 عاما حققت الشراكة الثقافية العديد من المشاريع الكبرى التي أسهمت في تعزيز التواصل والتعاون بين البلدين على المستوى الثقافي والتعليمي، ففي عام 2006 تأسست جامعة "السوربون أبوظبي" بناءً على اتفاق بين حكومة أبوظبي وجامعة السوربون في باريس، لتعزيز القطاع الأكاديمي والثقافي، ومثَّل هذا الاتفاق التاريخي رؤيتهما المشتركة، لتحقيق أفضل المعايير بالتعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.
ووقعت جامعتا "السوربون باريس"، و"بيير وماري كوري" على اتفاق يقضي بافتتاح حرم جامعي في أبوظبي، لتقديم برامج أكاديمية متخصصة بدرجتي البكالوريوس والماجستير، وبرامج التعليم المستمر.
وفي عام 2009 انتقلت جامعة السوربون أبوظبي، إلى حرمها الجديد الذي بني خصيصا في جزيرة الريم، ويمتد على 93 ألف متر مربع، ويشمل المرافق التعليمية والترفيهية والسكن الجامعي، وتضم الجامعة مكتبة ومسرحا يتسع لأكثر من 700 شخص ومركزا رياضيا، وتلتزم بالمساهمة في رؤية أبوظبي المتمثلة في تحويل الإمارة إلى مركز ثقافي وعلمي وتوسيع نطاق تواصلها مع الطلبة محليا وعالميا.
وتمثل جامعة السوربون أبوظبي إحدى أوجه الشراكة ما بين حكومة إمارة أبوظبي والحكومة الفرنسية في المجال التعليمي وهي أول فرع خارج فرنسا لواحدة من أعرق الجامعات في العالم.
وفي عام 2016 شكل مؤتمر أبوظبي من أجل حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع محطة بارزة من محطات الشراكة الثقافية بين الإمارات وفرنسا، حيث أفضى المؤتمر إلى إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع /ALIPH/ وتأسيس صندوق دولي لدعم التراث العالمي المعرض للخطر حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أمريكي بالتعاون مع اليونسكو.
ويعتبر متحف اللوفر أبوظبي من أكبر وأهم المشاريع الثقافية التي تعمل على تعزيز التواصل الحضاري والثقافي بين فرنسا والإمارات، كما يعد المتحف أول متحف عالمي في العالم العربي وأكبر إنجاز ثقافي فرنسي في الخارج.
وفي عام 2017 أيضا ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس وتم في العام ذاته افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس، وعلاوة على ذلك، قدمت الإمارات مساهمة مالية بقيمة 10 ملايين يورو لترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس، وبناءً عليه سمي المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وشكل عام الحوار الثقافي الإماراتي الفرنسي في 2018 فرصة مميزة لتوسيع أطر المبادرات والمشاريع والبرامج المختلفة، حيث تناول الحوار مواضيع هامة منها الفن والذكاء الاصطناعي وحماية التراث الثقافي المعرض للخطر وتعزيز اللغتين الفرنسية والعربية في البلدين، ونظمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة الأسبوع الثقافي الإماراتي في باريس في أكتوبر من ذات العام بهدف تعريف الجمهور الفرنسي على الفنون والثقافة الإماراتية وتضمن الأسبوع برنامجا حافلا وفعاليات منوعة.
وفي ديسمبر 2018، أصبحت الإمارات عضوا منتسبا في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، فيما قررت الإمارات إعادة إدراج تعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية اعتبارا من مطلع العام الدراسي 2019 - 2020 لأكثر من 8 آلاف تلميذ إماراتي تعلّم اللغة الفرنسية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".