تواصلت الاثنين الاحتجاجات الشعبية في العاصمة السودانية الخرطوم، وعدد من مدن البلاد الأخرى، فيما كثفت السلطات الأمنية استعداداتها تحسبا لمسيرة كبرى الخميس، أعلنت عنها لجان المقاومة وقوى الثورة الأخرى، للمطالبة بالحكم المدني في ظل ضبابية تحيط بالمشهد السياسي.
وأطلقت قوات الأمن السودانية الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرات ليلية في جنوب وشرق الخرطوم ومناطق متفرقة من مدينة أم درمان غرب العاصمة.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بالحكم المدني الكامل وتحقيق العدالة للمئات من الذين قتلوا في فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم في الثالث من يونيو 2019، أي بعد أقل من شهرين من الإطاحة بنظام الإخوان في أبريل من العام نفسه، إضافة إلى أكثر من 100 شاب قتلوا في الاحتجاجات المستمرة منذ نحو 8 أشهر، رفضا للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.
في الأثناء، بدأت أنيت ويبر، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، لقاءات مع مسؤولين في مجلس السيادة وقوى الثورة لدفع العملية السياسية المتعثرة؛ في ظل عدم وضوح أي نتائج للجهود التي تجريها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة الإيقاد، أو تلك التي تقودها الوساطة السعودية الأميركية المشتركة.
وتتزامن زيارة أنيت مع بروز مؤشرات على تعثر جهود الآلية الثلاثية الرامية لتسهيل الحوار بين الفرقاء السودانيين.
وفي نهاية الأسبوع الماضي أعلن السفير محمد بلعيش، المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي للسودان، والمتحدث الرسمي باسم الآلية، انسحاب الاتحاد من اجتماعات الحوار، مبررا ذلك بعدم الرغبة في المشاركة في مسار لا تتبعه الشفافية والصدق وعدم الإقصاء، لكن الاتحاد تراجع عن تلك التصريحات في وقت لاحق.
وكانت الآلية الثلاثية قد علقت الحوار بعد الجلسة الأولى التي عقدت في الثامن من يونيو والتي لم يشارك فيها سوى ممثلين عن الشق العسكري في مجلس السيادة الحالي ومجموعة التوافق الوطني الداعمة لإجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، وعدد من ممثلي الأحزاب الصغيرة التي كانت مشاركة لنظام الإخوان فبل الإطاحة به، في ظل غياب تام لقوى الثورة الرئيسية المؤثرة التي تقود الحراك الحالي في الشارع.
وحذرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وبلدان الاتحاد الأوروبي من أن يؤدي التأخير في حل الأزمة السودانية الحالية والتي دخلت شهرها الثامن إلى تبعات خطيرة ومزيدا من التدهور الاقتصادي.
واكد تحالف قوى الحرية والتغيير الاسبوع الماضي أنه لن يعود للشراكة مع الجيش مرة أخرى، مشيرا إلى أن آخر اجتماع عقد بين ممثله وممثل المكون العسكري في مجلس السيادة لم يتوصل إلى أي نتائج محددة.
وأوضحت قوى الحرية والتغيير أن لدى المكون العسكري "تحفظات" على الأطروحات التي تقدمت بها لحل الأزمة، ومن بينها تسليم السلطة بالكامل للمدنيين ودمج القوات المسلحة في جيش واحد، إضافة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتهيئة المناخ للحوار.
وعقب توسطها إلى جانب المملكة العربية السعودية للجمع بين الطرفين في التاسع من يونيو؛ أكدت الولايات المتحدة أنها ماضية في الضغط نحو تنازل الجيش السوداني عن السلطة وتسليمها للمدنيين، مشيرة إلى أن استئناف المساعدات رهين بتحقيق ذلك.
وشددت للولايات المتحدة على ضرورة إحراز تقدم فوري يدعم تطلعات الشعب السوداني ومحاسبة المسؤولين عن قتل المحتجين خلال الأشهر الثمانية الماضية.
وتسببت الاحتجاجات المستمرة في تعطيل العديد من مناحي الحياة، كما علقت الولايات المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية وبلدان الاتحاد الأوروبي مساعدات مجدولة تقدر قيمتها بأكثر من 4 مليار دولار، في حين علقت مجموعة نادي باريس قرارا اتخذته العام الماضي بشطب ديونها على السودان والتي تشكل الحصة الأكبر من ديون البلاد البالغة نحو 64 مليار دولار.