يُعد لبنان من أغنى الدول العربية بالمياه وهو يُعرف بـ"بلد المياه" في منطقة الشرق الأوسط بفضل موقعه الجغرافي المميز، إذ يضم 40 مجرى مائياً.
ولكن "بلد المياه" تتربص فيه أزمة "عطش" مع اقتراب فصل الصيف، والمفارقة أن هذه الأزمة ليست بسبب عدم توافر المياه، بل لعدم القدرة على تشغيل شبكة نقل المياه بطريقة منتظمة مع غياب الكهرباء والسرقات المتكررة التي تتعرض لها معامل الضخ.
وفي هذا الأسبوع عانت عدة مناطق في العاصمة بيروت وضواحيها من انقطاع في "مياه الشفة" استمر لعدة أيام ما دفع البعض للجوء الى خيار شراء المياه من أصحاب الآبار الجوفية الخاصة التي باتت تعتبر تجارة رابحة في لبنان.
5 أيام من دون مياه
وتقول ندى وهي من سكان بيروت في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الواقع المائي في العاصمة بات لا يحتمل، مشيرة إلى أنها عانت من انقطاع "مياه الشفة" في منزلها لمدة 5 أيام هذا الأسبوع، ما دفعها وجيرانها في المبنى الذي تقطن فيه الى شراء صهريج مياه بمبلغ مليون ليرة لبنانية.
يباس المزروعات
ومشكلة التقنين في المياه لا تشمل المنازل فقط بل أيضاً المؤسسات التجارية والسياحية بالإضافة الى المزارعين الذين بدؤوا برفع الصوت عالياً مع بروز مشكلة عطش المزروعات.
ويقول المزارع فادي من منطقة البقاع في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": إن الآبار الارتوازية التي نستخدمها لريّ مزروعاتنا متوقفة عن الضخّ بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مشيراً إلى أنه وفي حال استمرار هذه المشكلة سيصيب اليباس مزروعاته، خصوصاً أن لبنان قادم على موسم الصيف الذي يشهد ارتفاعاً كبيراً في الحرارة.
صمود بالإمكانات المتوفّرة
من جهته أوضح المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المؤسسة صامدة بالإمكانات المتوفّرة لديها رغم الظروف القاسية التي تواجهها.
وأشار إلى أن أزمة الكهرباء تلقي بظلالها على كافة القطاعات، فلا يمكن تشغيل أيّ قطاع من دون كهرباء، وبالتالي فإن مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان تعاني من عدم قدرتها على إمداد المنازل بالمياه نتيجة انقطاع الكهرباء.
وأكد جبران أن المؤسسة تستعين بالمولدات في حال انقطاع الكهرباء، ولكن شح مادة المازوت من الأسواق يمنعها من تشغيل هذه المولدات ما ينعكس تقنيناً حاداً بالتغذية في المياه في أكثر من 65 بالمئة من محطات الضخ.
تقنين قاس جداً
ولفت إلى أن الأعطال التي تطرأ على محطات الضخ يتطلب إصلاحها توافر "العملة الصعبة" التي لا تمتلكها المؤسسة، مشيراً في الوقت ذاته إلى تعرض المحطات لعمليات سرقة ممنهجة ما يتطلب تكثيف المراقبة من القوى الأمنية.
وبحسب جبران فإن الوضع الحالي يتطلب "ترشيد" استخدام المياه من قبل المواطنين، داعياً الجهات المانحة التي كانت قد قدمت دعماً في الفترة السابقة، إلى الاستمرار بمواكبة المواطنين اللبنانيين في هذه المحنة الصعبة.
وأكد أنه في حال عدم حصول المؤسسة على تحويلاتها من مصرف لبنان وعلى مساعدات من الجهات المانحة مثل اليونيسف والبنك الدولي، فإنها لن تكون قادرة على الاستمرار بالعمل بالشكل المطلوب، ما يعني أن المواطنين ينتظرهم تقنين قاس جداً في المياه خلال فصل الصيف.