مع توسيع رقعة عمليات تنظيم "داعش" سواء داخل سوريا والعراق، أو تمدده في شرق ووسط آسيا ما يعرف بـ"ولاية خرسان"، وكذلك في منطقة غرب إفريقيا، كان اللافت في الأمر هو أن حجم الأموال التي حصل عليها، تقدر بملايين الدولارات، رغم التضييقات الأمنية المفروضة عليه مؤخرًا، ومكنته من التحرك بمرونة وإعادة التمحور.
ورغم التأكيد المستمر من جانب الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي تشديد الإجراءات الخاصة بتتبع مصادر تمويل التنظيمات المتطرفة وفي القلب منها "داعش"، فإن معظم عمليات نقل وتحويل الأموال للتنظيم تحدث من داخل دول أوروبية.
ومؤخرًا، حدد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) شبكة من 5 ميسرين ماليين تابعين للتنظيم المتطرف في العراق وسوريا يعملون في جميع أنحاء إندونيسيا وسوريا وتركيا، حيث أجرت هذه الشبكة تحويلات مالية لدعم جهود "داعش" في مخيمات النازحين في سوريا من خلال جمع الأموال في إندونيسيا وتركيا، والتي استخدم بعضها لدفع تكاليف تهريب الأطفال من المخيمات وتسليمهم إلى مقاتلي "داعش" الأجانب كمجندين محتملين.
وحسب رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، قدرت الحكومة الأميركية أن داعش ربما ما يزال يمتلك أصولًا تصل قيمتها إلى نحو 300 مليون دولار.
وقال إن مصادر تمويل "داعش" تأتي من الأنشطة الإجرامية بما في ذلك جرائم الخطف وتهريب المخدرات في المنطقة، وأيضًا تهريب البشر إلى أوروبا، بالإضافة إلى عمليات تهريب وبيع الآثار العراقية أو السورية المنهوبة.
واللافت أن مصادر تمويله لم تتوقف على هذه الأنشطة الإجرامية، إذ يبدو أنه انخرط في سوق العملات المشفرة لتفادي الملاحقة الدولية وأيضًا لإيجاد مجال جديد لنقل وتبيض الأموال.
وحسب محمد، يجني تنظيم "داعش" ملايين الدولارات شهريًّا، من فرض إتاوات على المستثمرين في حقول النفط في شمال شرق سوريا، وأصحاب المصانع والمحال التجارية في العراق، كأحد مصادر دخله الأساسية، بعد فقدانه مناطق سيطرته على الأراضي في هاتين الدولتين.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق الإطاحة بخلية تجمع أموال الإتاوات لصالح تنظيم "داعش" الإرهابي غربي محافظة نينوى، شمالي البلاد.
وفي السياق، يعتقد محققو الأمم المتحدة أنهم اقتربوا من العثور على صندوق حرب لداعش بقيمة (50) مليون دولار بعد الكشف عن خيوط النظام المالي لتنظيم "داعش" والكشف عن القسم الأساسي المسؤول عن جمع ثروته وتخزينها وإدارتها ونقلها.
وحسب محمد، طوّر تنظيم "داعش" من طرق التمويل وابتكر مصادر خاصة لتمويل عملياتها الإرهابية؛ فعلى سبيل المثال ما تزال هناك تدفقات مالية إلى المخيمات التي تضم مقاتلي "داعش" وعائلاتهم خارج المخيمات التي يتم تسليمها بعد ذلك إلى التنظيم. وما زال يمتلك التنظيم أصولًا كبيرة جدًّا والتي تحتاج إلى بعض الإطار التنظيمي الدولي لضمان مراقبة وتجميد هذه الأصول.
كما تسمح التحويلات المالية لتنظيم "داعش" بدفع أنشطة بتوفير ملاذات آمنة وبناء شبكة من المعسكرات التدريبية للمقاتلين الأجانب، كذلك يتم من خلالها دفع رواتب مقاتلي التنظيم والهجمات الإرهابية.
ويتم دفع ثمنها من خلال الأنشطة غير القانونية التي أصبحت "أكثر تعقيدًا"، ومن المرجح أن يصبح نظام الحوالة النقدي هو وسيلة "داعش" في خراسان لنقل الأموال في جميع أنحاء العالم.