يسارع المغرب الخطى لاستكمال كل الجوانب التقنية والمؤسساتية لتقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، فيما تتزايد الطلبات الأجنبية للاستثمار في هذه النبتة بالبلاد.
وفي آخر خطوة قبل سريان تقنين هذه الزراعة لاستعمالات صناعية وطبية، عقدت "الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي" (رسمية)، الخميس الماضي، أول اجتماع لمجلس إدارتها ترأسه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت.
وتتولى هذه الوكالة منح المزارعين تراخيص لممارسة هذه الزراعة، ونشرت ستة مراسيم تطبيقية تهم جوانب فنية مرتبطة بهذا القانون الذي سيطبق في ثلاث محافظات بشمال البلاد.
خطة عمل للوكالة
في بيان لها، اطلع موقع "سكاي نيوز عربية" على نسخة منه، أفادت وزارة الداخلية المغربية أن خطة عمل الوكالة لسنة 2022، تتضمن العديد من المحاور؛ من بينها اعتماد كتاب يحدد المواصفات التقنية ذات الصلة بأنشطة زراعة وإنتاج وتحويل وتصنيع القنب الهندي واستغلال بذوره ونباتاته وتسويق وتصدير واستيراد هذه المنتجات لأغراض صناعية.
كما تتضمن الخطة "الشروع في إجراءات الترخيص للفاعلين الوطنيين والدوليين في صناعة القنب الهندي الطبي والصناعي والمزارعين وشركات البذور والمشاتل وشركات النقل، وإنشاء أولى التعاونيات لتحويل وتصنيع المنتجات المحلية المكون أعضاؤها من المزارعين المحليين".
وتتوقع وزارة الداخلية في دراسة سابقة لها حول جدوى تطوير القنب الهندي، أن تبلغ عائدات الدولة من هذه الزراعة المقننة ما بين 40 و60 مليار درهم سنويا كربح في عام 2028 إذا تم استهداف 10 td hglzm من سوق القنب الهندي.
وتعد أوروبا سوقا رئيسية بالنسبة للمملكة، لاعتبارات عدة على رأسها القرب الجغرافي، إذ تأتي إسبانيا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا في مقدمة الأسواق المستهدفة.
طلبات أجنبية للاستثمار
وبالرغم من أن الوكالة الرسمية المسؤولة عن تقنين القنب الهندي في المغرب لم تبدأ بعد في إعلان طلبات العروض، إلا أن محافظة طنجة تطوان الحسيمة، توصلت بطلبات من أجانب للاستثمار في القنب الهندي مباشرة بعد مصادقة البرلمان العام الماضي على مشروع قانون تقنين استعمال القنب الهندي واستعماله في الأنشطة الصناعية والدوائية.
وأكد نائب رئيس مجلس جهة (محافظة) طنجة تطوان الحسيمة، العربي المحرشي، أنه "رغم عدم اختصاصها، استقبلت الجهة طلبات استثمار في القنب الهندي من مستثمرين إسبان".
وكشف المحرشي، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أنه ستكون "هناك طلبات من مستثمرين آخرين من بلدان أخرى".
واعتبر نائب رئيس جهة الشمال، أن تقنين زراعة القنب الهندي وحصر استخدامه في الاستعمالات الطبية، "سيدر على المنطقة فوائد اقتصادية مهمة من شأنها أن تغيير ملامح الواقع الاجتماعي للعديد من الأسر والمزارعين".
متدخلون وآثار اقتصادية
في سياق الآثار الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة لتقنين زراعة القنب الهندي في المغرب، يرى الباحث في اقتصاد القنب الهندي، شريف أدرداك، أننا "أمام 3 أطراف: المزارعون، المستثمرون، والدولة، ويجب أن تجمعهم علاقة رابح-رابح حتى ينجح هذا االمشروع".
وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "المزارع يجب أن يحصل على عائد أكبر من العائد الذي كانت توفره له زراعة الكيف (الاسم الذي طلق على القنب الهندي في المنطقة) المحظور، فيما يبحث المستثمر عن ربح أكبر من استثماره، بينما الدولة تبحث عن موارد مالية للخزينة".
وأضاف أنه إذا "استطاعت الوكالة تفعيل مقتضيات القانون 13-21 بطريقة سلسلة وفعالة، فإن جميع الأطراف ستستفيد من هذا التقنين".
وأشار الباحث في اقتصاد القنب الهندي، أن "العديد من الدول الغربية دخلت غمار الاستثمار في القنب الهندي المشروع الذي يعتبر سوقا اقتصاديا واعدا خصوصا في المجال الطبي والصناعي. وهذا النوع من الاستثمار يتطلب إمكانيات مادية هامة وموارد بشرية مؤهلة وآليات تقنية دقيقة إضافة لتحفيزات ضريبية حتى يتمكن المغرب من الولوج لهذه السوق ومنافسة باقي الدول".
مقاربة جديدة ومزايا طبية
من جهته، سجل الأستاذ الباحث في القنب الهندي، ياسين مقلاش، أن "المقاربة الجديدة للمغرب في شأن نبتة القنب الهندي والأنشطة المتعلقة بها، ستسمح له بالدخول للسوق العالمية المتنامية للقنب الهندي".
في اتصال بـ"موقع سكاي نيوز عربية، قال مقلاش: "المغرب غير مقاربته بشأن نبتة القنب الهندي والأنشطة المتعلقة بها، إسوة بالعديد من الدول بعدما تمت إعادة تصنيف هذه النبتة بالشكل الذي يتلاءم مع المستجدات العلمية الحديثة وتوصيات منظمة الصحة العالمية، التي رخصت باستعمالها لأغراض طبية وصناعية وبالتالي حذفت كمادة مخدرة ذات الخصائص شديدة الخطورة".
وتابع الباحث الذي ناقش عام 2013، أول رسالة دكتوراه حول القنب الهندي بكلية العلوم بتطوان (شمال)، أن هناك مميزات كثيرة لنبتة "الكيف" على المستوى الصحي والتجميلي.
ويوضح الباحث أنه على المستوى الطبي، "يعتبر مركب رباعي هيدروكانابينول (THC) أهم مادة فعالة رئيسية لنبتة القنب الهندي (...)، إذ تصاعد في السنوات الأخيرة الاهتمام العالمي باستغلال النبتة في علاج العديد من الاضطرابات كتصلب الأنسجة والشد العضلي والتخفيف من آثار مرض الشلل الرعاشي، وعلاج الربو والسرطان والصداع النصفي".
ويلخص الأستاذ الباحث في القنب الهندي، أن "زيت القنب الهندي من أهم المواد المستخرجة من النبتة والتي لها استخدامات عديدة في ميدان التجميل، فهي غنية بمادة أوميغا 3 وأوميغا 6، والأحماض الدهنية الأساسية".