استضافت مدينة سرت، الواقعة وسط ليبيا، اجتماعا مهما بحضور رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح، ورئيس الحكومة فتحي باشاغا، لمناقشة مشروع قانون الميزانية العامة للعام 2022.
بدأ الاجتماع بكلمة لرئيس البرلمان، أكد فيها عدم قانونية إفراج مصرف ليبيا المركزي على "الأموال خارج الميزانية العامة"، داعيًا إلى "ضمان توزيع إيرادات الدولة بعدالة وشفافية".
وتابع: "المصرف المركزي يجب أن يدار من قبل مجلس الإدارة وليس المحافظ منفردًا".
بلاغ إلى النائب العام
طالب النائب العام المستشار الصديق الصور، بتحريك دعوى ضد "من سولت له نفسه أو تسول له التعدي على مقدرات الشعب الليبي"، قائلًا إن أي مسؤول أو رئيس جهة تابعة لمجلس النواب، ممتنع عن تنفيذ ما يصدر عنه من قوانين وقرارات، "فقد صفته وأهليته، ولا يمثل إلا نفسه، ويعتبر منتحلًا للصفة، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن".
كما وجه الأجهزة الرقابية التابعة لمجلس النواب بتنفيذ آلية "رقابية فعالة على جميع الثروات، والعمل على إيقاف إهدار المال العام والسيطرة على المصرف الخارجي"، مقترحًا في هذا الإطار آلية لصرف العوائد "نفطية وغير".
تدشين عمل الحكومة من سرت
وأشار رئيس البرلمان إلى أن الحكومة الليبية الشرعية ستمارس مهامها، ومن لن يتعاون معها سيتعرض للمحاسبة، مكررًا دعوته إلى النائب العام والأجهزة الرقابية بتحمل مسؤولياتهم لتحقيق دولة يسودها القانون والأمن والاستقرار، ومشددًا على أن الاقتتال بات مرفوضًا في وجود الحلول السياسية، وذكر بأن الجماعات المسلحة هي السبب في فشل إجراء الانتخابات 24 ديسمبر الماضي.
كما تناول مسار لجنة الحوار الدستوري، قائلًا إن الجهود تبذل حاليًّا للانتهاء من مسودة الدستور، الذي سيعرض على الشعب للاستفتاء عليه من أجل إقراره.
وفي نهاية كلمته، طالب عقيلة الحاضرين "بتقديم ما يتوصلون إليه اليوم أو في الأيام المقبلة إلى رئاسة المجلس لعرضها على مجلس النواب في أسرع وقت ممكن".
من جانبه، استهل باشاغا كلمته بالإشارة إلى ما عانته ليبيا طيلة السنوات الماضية من انقسام سياسي ومؤسساتي، وبقاء الدولة الليبية لعدة سنوات دون ميزانية معتمدة من السلطة التشريعية، وهو ما فتح الباب للفساد المالي والإداري، وتردي الخدمات وانهيار البنية التحتية.
وقال إن حكومته "قدمت مقترح ميزانية يراعي الترشيد في الإنفاق، والتحرر من الإدارة المركزية وإعطاء الصلاحيات للمجالس البلدية، ومكافحة الفساد الإداري والمالي، مع توزيع عادل ومباشر للإيرادات".
وتناول باشاغا زيارته الأخيرة إلى طرابلس، قائلًا إن الحكومة الليبية "ملتزمة تمامًا بممارسة اختصاصاتها ومباشرة أعمالها دون الالتجاء للعنف ضد أي خصم سياسي"، متابعًا: "قررنا الدخول إلى العاصمة بالطرق السلمية ودون استخدام أي قوة عسكرية، لكن وجدنا الحكومة منتهية الولاية لا يهمها دماء الليبيين ولا تعير لأمن العاصمة وعصمة الدماء أي أهمية".
وأكمل: "وحيث إن ليبيا كلها عاصمة ولا فضل لمدينة على مدينة ولا تميز لمنطقة على أخرى، فإننا سنباشر أعمالنا من مدينة سرت لما تمثله من رمزية وطنية، وهي تتوسط هذا الوطن".
واختتم: "كل ما نقوم به من مجهودات ترتكز في مجملها إلى غاية وطنية أساسية، تتمثل في حفظ كيان الدولة ووحدة مؤسساتها، وإنهاء مظاهر الفوضى والفساد، وتهيئة المناخ اللازم والمناسب لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على أسس دستورية، تجسيدًا لإرادة الشعب الليبي وحقه في التعبير عن إرادته واختيار من يحكمه بكل حرية وشفافية".
تحدي البرلمان
أشار الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، إلى تغيب مسؤولين عن حضور الاجتماع رغم توجيه الدعوة إليهم، لأنهم ما زالوا موالين للحكومة المنتهية ولايتها، وهم عارضوا البرلمان ليس منذ الآن لكن منذ أكثر من ثماني سنوات.
وأوضح أن القائمة تشمل محافظ المصرف المركزي المدعوم من تنظيم الإخوان الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة في طرابلس خالد شكشك، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان الشنطي، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، الذي تعذر بالسفر إلى الخارج، مرجعًا عدم السيطرة على المصرف المركزي إلى التدخلات الأجنبية المستمرة في الشأن الليبي.
ودعا قشوط، في ظل استمرار المداولات الخاصة بمشروع الميزانية، إلى البحث عن مصدر تمويل للحكومة الليبية بعيدًا عن الاقتراض من المصارف، لما قد يؤدي إلى ارتفاع للأسعار وسعر صرف الدولار مقابل الدينار، وزيادة في الدين العام.
وحضر الاجتماع وزير التخطيط والمالية بالحكومة المكلفة أسامة سعد حماد، وممثلون عن عدد من المؤسسات ذات العلاقة، بالإضافة إلى لجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة في المجلس.