أفادت مصادر سياسية في العاصمة العراقية بغداد بأن قوى "الإطار التنسيقي" خضعت لشروط زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فيما يتعلق بملف تشكيل الحكومة، ومن المقرر أن تطرح تلك القوى مبادرة جديدة، لإنهاء الانسداد السياسي، والمضي في مسار تشكيل الحكومة الجديدة. 

ومنذ إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من أكتوبر الماضي، لم تتمكن القوى السياسية العراقية من تأليف الحكومة الجديدة، بسبب رغبة تحالف "إنقاذ الوطن" بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي، إلى حكومة "توافقية".

وخلال الأيام القليلة الماضية، بدت الأجواء أكثر هدوء بين الجانبين، حيث قال مصدر سياسي، إن "قوى الإطار التنسيقي، وافقت على شروط الصدر بالمضي في مسار تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، لكنها مقابل ذلك، تسعى إلى التحالف معه، (ولو شكلياً)، بهدف الحفاظ على ما يُسمى (البيت الشيعي)، وهو خيار يبدو أن الصدر لا يعارضه، طالما أن النتيجة هي إبعاد تلك الفصائل عن ملف إدارة الدولة".

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "قوى الإطار التنسيقي، وصلت إلى مرحلة جيدة من التفاوض، ووافقت مبدئياً، على مسألة حكومة الأغلبية، وإنهاء مقاطعتها جلسات البرلمان، لكنها تريد أن يبقى خيار رئاسة الوزراء، داخل البيت الشيعي حصراً، والاتفاق داخلياً عليه، ثم المضي في طرحه أمام الكتل السياسية الأخرى"، مشيراً إلى أن "أعضاء التيار الصدري، وخلال المفاوضات التي جرت مؤخراً، رأوا في هذا الطرح غير معارض لما يريدونه من حكومة أغلبية، تتحمل مسؤولية إدارة البلاد للأربع سنوات المقبلة".

ضغوط هائلة

وخلال الأشهر الماضية، مارس الصدر من خلال تحالفه "إنقاذ الوطن" ضغوطاً هائلة على الفصائل المسلحة، وأجنحتها السياسية، بهدف تشكيل حكومة أغلبية وطنية، تتحمل مسؤولية إدارة البلاد، على أن تذهب الكتل الأخرى إلى المعارضة. 

بدوره، كشف عضو "الإطار التنسيقي" نعيم العبودي، عن جزء من تفاصيل المبادرة الجديدة، مشيراً إلى أن "مسألة رئاسة الوزراء أنيطت بالتيار الصدري، على أن يكون لقوى الإطار التنسيقي، حق الاعتراض".

ويضيف العبودي في تصريح تلفزيوني: "قلنا للتيار الصدري: دعونا كشيعة نجتمع، والكتلة الصدرية من حقها تقديم مرشح رئيس الوزراء، ومن حق الإطار الفيتو على المرشح إن لم يرغب به، ونحن بعد ذلك نعلن الذهاب نحو المعارضة، لكن كانت لهم رؤية أخرى"، مشيراً إلى أن "هناك احتمالات واقعية لدى الأطراف السياسية ونتوقع تقارباً بين الإطار والكتلة الصدرية خلال الأيام المقبلة".

وتأمل الأوساط السياسية، بإنهاء هذا الانسداد الحاصل، والمضي في عملية استكمال الرئاسات الثلاث، بعد المفاوضات الأخيرة، وسط ترقب لإعلان المبادرة الجديدة.

في هذا الإطار قال عضو ائتلاف دولة القانون، وائل الركابي، إن "المبادرة الجديدة غير واضحة المعالم، لكن ما يتم الحديث عن الآن هو استعداد قوى الإطار التنسيقي، للتفاوض، وشرطها هو تأليف (الكتلة الشيعية الأكثر عدداً)".

أخبار ذات صلة

حل البرلمان العراقي.. سيناريو قد يفاجئ الجميع
الصدر يهاجم القضاء العراقي.. ويرفض العودة لمربع المحاصصة
العراق.. 10 مبادرات والأزمة السياسية عن نقطة "صفر"
بعد منحه فرصة تشكيل حكومة عراقية.. بوصلة الطرف الثالث حائرة

ويرى الركابي في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "هذا الاستعداد يدل على أن الاطار يمكن أن يقدم تنازلات بهدف الخروج من الانسداد السياسي الحالي، وهذا لا يأتي إلا بالحوار، ما يستدعي تقديم تنازلات من الأطراف الأخرى".

ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن التقارب الحاصل بين الحزبين الكردييين في إقليم كردستان، حفّز بقية الأطراف على إجراء مشاورات جديدة، حيث تأمل الاوساط الكردية، الاتفاق على مرشح واحد لمنصب الرئاسة يتم الاتفاق عليه داخلياً.

وكان رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، أعلن خلال زيارته إلى محافظة السليمانية الأسبوع الماضي، التوصل إلى أرضية مشتركة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني.

وبناء على هذه الزيارة، عقد الحزبان اجتماعا موسعا في محافظة أربيل، الأربعاء الماضي، بحضور بارزاني، وطالباني، بهدف إجراء مشاورات حول تشكيل الحكومة، ومنصب رئاسة الجمهورية.  

7 أشهر على الأزمة

بهذا الشأن يرى المحلل السياسي فلاح الذهبي، أن "الانسداد في العلاقة الكردية - الكردية شارف على الانتهاء، وسيذهب وفد رفيع المستوى من إقليم كردستان إلى النجف لحلحلة الوضع الشيعي، الذي بات الآن أقرب إلى الحل، إذا ما اتفق الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستانيين".

لكن المحلل العراقي، يطرح سيناريو آخر خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" هو "بقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، لإنهاء هذه السنة أو منتصف العام المقبل، مع إجراء تغيير لعدد من الوزراء، وربما يكون بعدها انتخابات أو خلال هذه الفترة تجري تعديلات دستورية تساعد فيها المحكمة الاتحادية، وهذا يخضع للمشاورات المقبلة، وإمكانية توصل القوى السياسية إلى حلول حقيقية".

وتقترب أزمة تشكيل الحكومة من أن تطوي شهرها السابع، في واحدة من أطول الأزمات التي مرت على أعمار تشكيل الحكومات السابقة بعد عام 2003.