تباينت مواقف النواب المستقلين في البرلمان العراقي إزاء المسؤولية التي حملتها لهم مبادرة زعيم التيار الصدري بتولي تشكيل الحكومة، في مؤشر على أنهم ليسوا كتلة متحدة تمامًا.
وألقى مقتدى الصدر، الذي يرأس تحالف "إنقاذ وطن" المكون من التيار الصدري وكتل سنية وكردية، بالكرة في ملعب النواب المستقلين في مبادرة جديدة، بعد أن ضيع تيار "الإطار التنسيقي" المشكل من قوى موالية لإيران مبادرته الأولى التي أعطاه فيها فرصة 40 يومًا لتشكيل الحكومة بمفرده.
ومبادرة الصدر الجديدة تقضي بأن يشكل من أسماهم بـ"الطرف الثالث"، خلال 15 يومًا حكومة مستقلة تحظى بدعم تحالفه.
وتوالت المبادرات بعد أن تعطل تشكيل الحكومة، حيث يصر تحالف الصدر المتصدر الانتخابات على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في حين يصر "الإطار" على حكومة توافقية لحفظ وجوده الكبير السابق في الحكم.
وبشأن منحهم فرصة تشكيل الحكومة، تباينت مواقف النواب المستقلين، في مؤشر على ارتباك مواقف بعضهم من لعب دور محوري حال انضمامهم لأحد قطبي الصراع.
التعاطي الحذر
تعاطى تحالف "من أجل الشعب"، مع مبادرة الصدر بحذر، بعد أن رأى أنه قد "يتمخض عنها تحول جديد"، بينما عبر صراحة عن أن مبادرة الإطار التنسيقي "لا تحمل أي قيمة".
وتحالف "من أجل الشعب" هو أكبر تحالف نيابي مستقل، ويتكون من 18 نائبًا عن حركتي امتداد والجيل الجديد، ويتمسك بهدم جدار المحاصصة الذي بدأت تفتته "مخرجات ثورة تشرين"، وفقًا لعضو التحالف مسعد الراجحي.
و"انتفاضة تشرين" احتجاجات اندلعت عام 2019 ضد تفشي الفساد وسوء المعيشة والتدخل الإيراني في العراق ونظام المحاصصة.
ويضيف الراجحي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مبادرة الصدر "ستخضع لدراسة مستفيضة"، داعيًا لتقديم الضمانات ومحاور العمل لكي يصاغ برنامج يحقق مصالح الشعب.
وتصل أعداد النواب المستقلين إلى 40 مقعدًا، موزعة بين كتل صغيرة، وشخصيات فردية، وفقًا لإفرازات النظام الانتخابي الذي سمحَ بالترشيح الفردي، في مقابل الترشيح على القوائم المفتوحة، مما سمح بوصول نواب يمثلون الاحتجاجات، وسائر القوى الاجتماعية والدينية.
تأييد ومعارضة
دعا رئيس كتلة العراق المستقل النيابية عبد الهادي الحسناوي، النواب المستقلين إلى القبول بمبادرة الصدر لتشكيل "حكومة وطنية مستقلة، تعبر عن تطلعات المواطن".
لكن النائب عن محافظة النجف رئيس الكتلة الشعبية المستقلة، محمد عنوز، أعلن أن خياره هو المعارضة.
وأرجع ذلك في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى أن "رؤيتنا منذ البدء عدم المشاركة في تشكيل أي سلطة تنفيذية، لكننا نؤيد حكومة الأغلبية السياسية، بغض النظر عمن يشكلها".
ووصف معارضته بأنها "معارضة موضوع أو قرار أو قانون، وليس معارضة جهات سياسية".
مبادرة طائفية
وحرّكت مبادرة الصدر الركود في البرلمان، بالتعاطي الإيجابي والسلبي معها، ولم تحقق مبادرة "الإطار التنسيقي" نفس الأمر.
وتتلخص مبادرة الأخير في الحفاظ على حظ المكون الأكبر مجتمعيًّا في تكوين الكتلة الأكثر عددًا في الحكومة، والاتفاق على ترشيح رئيس مجلس الوزراء، مع تحملها مسؤولية فشله ونجاحه ومحاسبته.
ويقول غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن المبادرة "لم تقدم جديدًا"، وتحفظ الطائفية "باستمرار التأكيد على العودة للكتلة الشيعية الأكبر، التي تمثل المكون الأكبر".
ويتابع: "الأحزاب لا تمثل إلا أعضاءها، ولا يمكن أن تفرض نفسها ممثلة للشعب أو لطائفة، مع ملاحظة أن نسبة المقاطعين للانتخابات في 2018 بلغت 80%، وفي عام 2022 بلغت أكثر من 80%"، في إشارة لمدى ضياع الثقة في الأحزاب.