يتأهب العراق لاحتجاجات جديدة و"مختلفة" تنسقها قيادات "حراك تشرين"، كرد فعل على ما وصفوه بـ"فشل" التكتلات في إنهاء حالة الانسداد السياسي، إضافة لتدهور أحوال المعيشة وارتفاع نسبة الفقر لـ 31 بالمئة وفقا لآخر إحصائية دولية.
ومن المنتظر أن تأتي الاحتجاجات ببعض الوجوه الجديدة عن المعتادة في "حراك تشرين" الذي اندلع أكتوبر 2019 بعد تفرق قواه السابقة، ومنها حركة الامتداد الوطني (شاركت في الانتخابات وفازت ب 9 مقاعد)، وحزب البيت الوطني العراقي (مقاطع للانتخابات)، وانشقاق قيادات عنهما بدعوى تعامل الحزبين مع شخصيات في الحكومة متهمة بقمع انتفاضة تشرين.
وانطلقت احتجاجات أكتوبر 2019 اعتراضا على تردي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد والبطالة.
ووصلت مطالب المتظاهرين لإسقاط النظام الحاكم، وإجراء انتخابات مبكرة، ونددوا بالتدخل الإيراني في العراق.
وتوقفت الاحتجاجات بعد أشهر عقب تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز المخابرات، واستقالة حكومة عادل عبد المهدي التي يحملها الشارع مسؤولية قتل 740 متظاهرا، وإصابة أكثر من 17ألف آخرين.
تشكيلات جديدة
ورغم خروج حركات سياسية من رحم "ثورة تشرين"، إلا أن التصدعات عصفت ببعضها، لاسيما التي دخلت البرلمان، وباتت جزءً من الأزمة الخانقة الجارية بين تحالف "إنقاذ وطن" الذي يقوده التيار الصدري المتصدر الفوز في انتخابات أكتوبر الماضي، ويصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وتحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى موالية لإيران، ويصر على تشكيل حكومة توافقية.
وأعلن 17 عضوا في حركة "امتداد"، فبراير الماضي، الانسحاب من الحركة؛ اعتراضا على تصويت نوابها على انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، فيما شهدَ حزب البيت الوطني، المقاطع للانتخابات، استقالة أعضاء رفضوا تعامل قيادته مع مستشاري رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لتشكيل جبهة واحدة.
ويقول محمد علي، من محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، إن "شخصيات أكاديمية أخذت تبرز داخل المحافظة بوصفها ناقدة لإدارة النظام السياسي، ومن الممكن أن تكون قوى بديلة تمثل انتفاضة تشرين".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المحافظة تشهد اجتماعات للناشطين، منهم المنشقين عن حركة امتداد وحزب البيت الوطني، مرجحا تكوين حركة هجينة من هؤلاء، فضلا عن مسؤولين سابقين، مثل المحافظ السابق أحمد الخفاجي الذي أنجز مشاريع كانت معطلة، واستقالته أعطته زخما شعبيا بعد محاصرته من "الفاسدين".
وتعليقا على الهجمات التي طالت نواب الحراك الاحتجاجي في البرلمان، واتهامهم بالتقصير إزاء مطالب الحراك، يؤكد النائب عن محافظة واسط سجاد سالم سعيه ونواب آخرون لتشكيل لجنة نيابية لمتابعة مطالب المحتجين، وأبرزها ملاحقة قتلة "شهداء" الاحتجاج، وإطلاق المعتقلين، وإبطال الدعاوى الكيدية بحق المهجرين عن مدنهم.
وتوقع النائب، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" انتفاضة جديدة في أغلب المدن، عازيا ذلك إلى "الغليان" من تأخر تشكيل الحكومة، وما يعقب هذا من تأخر استحقاقات للفئات الاجتماعية الهشة.
تجديد الحراك
وعنما قد يميز الحراك القادم عن سابقهِ، يقول الناشط الاحتجاجي عن محافظة النجف، فارس حرّام، إنّ "النضال القادم هو الإصرار على تطبيق قانون الأحزاب، وتفعيل قانون من أين لك هذا".
واعتبر أن "التغيير التدريجي ذو نتائج ضعيفة، والتغيير الحقيقي يكون بتجدد حراك تشرين مع تحرير القضاء من الضغوط، وإعادة التمثيل البرلماني، وتحديد الكتلة الأكبر بصورة واضحة في قانون الانتخابات، بحيث لا يكون هناك مجال للتأويل الذي يعطل الحياة".
وفي تقديره، فإن "تشرين لم تعطِ كل ما عندها، وهي تمتلك أدوات اجتماعية للتغيير أقوى من الأدوات الحزبية"، مؤكدا أن "الجماهير قوة كبيرة قادرة على فرضِ شروطها".