مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان، يصعد حزب الله ضغوطه على معارضيه في مناطق سيطرته بغية الاستيلاء على المقاعد ومنع أي خرق لبيئته الشيعية في ظل انسحاب تيار المستقبل، ما اعتبره محللون "ترهيبا سياسيا قد ينتج عنه انعكاسات سلبية".
ومنذ أيام، تعرض رئيس قائمة "بناء الدولة" المدعومة من حزب "القوات اللبنانية"، رجل الدين الشيعي عباس الجوهري، لإطلاق نار في أثناء وجوده في تجمع انتخابي ببعلبك، وحوصر مع أنصاره في رسالة ترهيبية واضحة من مليشيا حزب الله، كما عمل حزب الله على إضعاف القائمة المعارضة له من خلال العمل على دفع مرشحيها للانسحاب سواء عبر الترغيب أو الترهيب.
وتتنافس 6 قوائم انتخابية في دائرة بعلبك-الهرمل التي تملك 10 نواب (6 شيعة، 2 سنّة و2 مسيحيين) أبرزها اثنتان هما "بناء الدولة" مقابل قائمة حزب الله وحليفته حركة أمل، إضافة إلى قوائم أخرى تصف نفسها بأنها خارج المواجهة السياسية المباشرة في المنطقة.
والدائرة تمثل أهمية كبيرة عند حزب الله، فهو يعتبرها خزانه البشري نظراً لعدد سكانها الكبير، وفي الوقت نفسه تعتبر خاصرة رخوة انتخابياً خصوصاً بعد اختراقها بمقعدين في الانتخابات السابقة من قبل "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل".
ترهيب سياسي
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، فادي عاكوم، قال إن المشهد الانتخابي في لبنان أثر عليه انسحاب تيار المستقبل وباتت هناك حرب على الحصول على حصته ويقاتل حزب الله بكافة الطرق الشرعية وغير الشرعية من أجل الحفاظ على كتلته أو زيادتها.
وأضاف عاكوم، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "القوات اللبنانية" تحاول الوقوف بوجه حزب الله في البقاع للحصول على حصة تيار المستقبل ولكن الحزب يستخدم نفوذه وأمواله من أجل حسم المسألة.
وأشار إلى أن هناك تململا في البقاع الغربي وراشيا والضاحية الجنوبية من جراء سياسات ووعود حزب الله التي لا تنفذ، إلا أنه مع كل انتخابات ينشط عبر استغلال أوضاع اللبنانيين الاقتصادية بالرشاوى الانتخابية ومع انتهاء الانتخابات لا يتحقق شيء.
وحول الانسحابات من قائمة "بناء الدولة" التابعة للقوات اللبنانية المنافسة لحزب الله في البقاع، وصف عاكوم ما يحدث بأنه "ترهيب سياسي" من أجل إغلاق الباب أمام أي خرق محتمل للمقاعد الشيعية في الدائرة.
وأظهرت أرقام انتخابات الدورة السابقة في العام 2018 أن الصوت الشيعي المعارض لسياسية حزب الله في بعلبك-الهرمل التي تُعد أبرز معاقله بلغ نحو 17 ألف صوت، أي 7.9% من مُجمل الناخبين الشيعة.
وأكد المحلل السياسي اللبناني على أن غياب تيار المستقبل وكذلك ضعف دور الحراك في الشارع خلال العام الماضي أحد أسباب سطوة الحزب، لافتا إلى أن التحركات إذا بقيت مستمرة كانت ستساهم في تغيير فعلي أو مقبول في المجلس النيابي الجديد ولكن مع الانهيار الاقتصادي الذي حدث صار اللبنانيون همهم الأول تأمين لقمة العيش.
وشدد على أن حزب الله يقاتل بكل الوسائل للحصول على أكبر كتلة ممكنة كون أن البرلمان هو من يختار الرئيس المقبل ولذلك يصر على أن يبقى أكبر عدد من الأوراق الرابحة بيده.
وبعد نحو 3 شهور من إعلان الحريري تعليق عمله السياسي في لبنان وعدم خوض الانتخابات النيابية المقبلة، لم يستطع هذا الشارع من تكوين قيادة بديلة تقود هذا الشارع الممتد على مساحة لبنان في الاستحقاق الانتخابي أقله، وسط مخاوف جدية من دخول حزب الله على هذه البيئة، مستغلاً الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه البلاد.