بالتستر خلف شعبية نادٍ رياضي كبير، وتبني خطاب "وطني" مناقض لقناعاته، يعود القيادي في "الجماعة الليبية المقاتلة" الإرهابية، عبد الحكيم بلحاج، إلى واجهة الأحداث من جديد في ليبيا.
ويرى خبراء أن "ثوب بلحاج" الجديد تم غزله ونسجه في عواصم أجنبية، ليلعب دورا يُميل كفة الصراع على السلطة في ليبيا لصالح أجندة خارجية.
ويحذر خبراء أمنيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية" من أن يكون الوجه الناعم لبلحاج تمهيد للاستيلاء على البرلمان وحكم كامل ليبيا، بعد أن فشلت الجماعات الإرهابية في تنفيذ هذا المخطط بقوة السلاح منذ 2014.
ورغم مرور أسبوع على عودته المفاجئة من الخارج، إلا أن بلحاج لم يمثل أمام النائب العام الذي أصدر في 2019 أمر ضبط وإحضار بحقه، بتهمة الهجوم على الحقول والموانئ النفطية، وعلى قاعدة تمنهنت، وجرائم قتل وخطف، والاستعانة بالمتمردين التشاديين والسودانيين في القتال بين الليبيين.
ويرى الخبير الأمني، جمعة الفارسي، أن بلحاج عاد مصحوبا بتوصيات من حلفاء لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة، بأن يغطي حضوره بجانب مدني شعبي، وأن تعليمات صدرت له ليتقرب من أحد الأندية ذات الشعبية العريضة، وهو ما فعله بالظهور مع إدارة وجمهور نادي الاتحاد في العاصمة طرابلس، وسط استقبال حافل.
ويضيف الفارسي أن بلحاج بادر بتصدير خطاب وطني لرسم صورة جديدة له، ربما تنفيذا لتوصيات جهات خارجية، فكتب عبر حسابه في موقع "فيسبوك" أن "ليبيا تمر بمرحلة تاريخية حاسمة تواجه فيها مخاطر التقسيم وعودة الحروب واستلاب إرادتها الوطنية لعقود قادمة بعد أن كان القرار الوطني بيد الليبيين".
ويلفت المحلل الليبي إلى أن هذا الحديث يناقض الأيديولوجيا التي تربى عليها بلحاج (المناقضة للاستقلال الوطني)، وتثبت أن هناك من ضغط عليه لتبني هذا الخطاب، خاصة أنه أشار في آخر التدوينة إلى دعم الحوار الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في ليبيا والقوى الوطنية الملتزمة بمنع الحرب.
تجميع جديد للإرهابيين
وصاحب عودة بلحاج عودة قيادات أخرى مقربة من تنظيم القاعدة الإرهابي، مثل شعبان هدية، وقيادات ذات صلة بالإرهابيين في مجلس شوى بنغازي ودرنة السابقين.
ويتوقع خبير الجماعات الإرهابية، سليمان الشافعي، أن بلحاج عاد بمشورة مخابرات دول أجنبية تدبر لإعادة تجميع الحركات الإرهابية المشتتة في غرب ليبيا، خاصة بعد الانشقاقات في صفوف ميليشيات مصراتة وطرابلس حول تأييد الدبيبة أو فتحي باشأغا رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان؛ على أن يكون ظهورها الجديد بعيدا عن شكلها الإرهابي المعتاد.
رجل التحولات
واعتبرت دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، "الجماعة الليبية المقاتلة" التي يترأسها حينها بلحاج، من أخطر التنظيمات الإرهابية.
وفي تصريح سابق لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال مدير المركز، جاسم محمد، إن الجماعة تمثل تحديا كبيرا أمام أي محاولة لتفكيك الإرهاب لصالح استكمال المسار السلمي في ليبيا.
وتأسست الجماعة في 1982 على يد علي العشيبي تحت اسم "شباب الجهاد"، وصدر أمر بحلها 2010، وعاد قياديوها بعد احتجاجات فبراير عام 2011، التي أسقطت نظام حكم الزعيم الراحل، معمر القذافي، بأشكال أخرى ليقتحموا معترك السياسة.
وبرز عبدالحكيم بلحاج كمتحدث باسم "الثوار"، وظهرت الجماعة باسم "المجلس العسكري لطرابلس" وبعد سنة ظهر بلحاج في زي السياسي زعيما لحزب "الوطن" ورجل أعمال بالغ الثراء.
وحذر المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، في حديث سابق من خطر وصول عناصر "الجماعة المقاتلة" للبرلمان بعد أن خلعوا ثوب الإرهاب، ولبسوا ثوب السياسة، وهو ما يعني أن هناك سيناريو لتكرار ما حدث في أفغانستان.