أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، الثلاثاء، إطلاق "حوار سياسي" مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار لرئيس الجمهورية شخصيا.
وأكد سياسيون وحزبيون ونقابيون أن إعلان السيسي "نقلة نوعية، وتدشين لمرحلة جديدة في المسار السياسي للدولة المصرية من أجل مصلحة البلاد".
وأشاروا في أحاديث منفصلة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن "مبادرة الحوار السياسي تعيد بحث ملف الإصلاح السياسي من جديد، بعد عبور التهديدات والمخاطر الأمنية المختلفة، وصولا إلى حالة من الاستقرار الحالي".
وخلال تقليد سنوي معتاد يحمل اسم "إفطار الأسرة المصرية"، وجه الرئيس المصري إدارة "المؤتمر الوطني للشباب" التي تعمل تحت مظلة "الأكاديمية الوطنية للتدريب" لإدارة "حوار سياسي" مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز.
وقال السيسي إن "خطواتنا كانت ثابتة وراسخة وعزيمتنا لا تلين من أجل تحقيق البقاء والبناء لمصرنا العزيزة"، متابعا: "التحديات كانت عظيمة لكن نجاحاتنا أعظم".
وشهد حفل إفطار الأسرة المصرية مشاركة واسعة من رجال الدولة والوزراء والشخصيات العامة وأخرى محسوبة على المعارضة، ورؤساء الأحزاب السياسية، وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ، وعدد من الصحفيين والإعلاميين.
الحوار بعد عبور التهديدات
وفي قراءاته لإطلاق الحوار السياسي الجامع وتوقيته، يقول الخبير السياسي والأمني ومدير للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهر، العميد خالد عكاشة : "جرى اليوم تدشين الحوار السياسي، بعد أن عبرت الدولة المصرية جميع التهديدات والمخاطر الأمنية، التي كانت تضعها في حالة استثنائية".
ويتابع في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد كان الانتهاء من مرحلة مهمة من فرض الأمن والاستقرار هو الدافع للقيادة السياسية من أجل الانتقال بخطى ثابتة إلى مرحلة جديدة".
ويوضح عكاشة: "حاليا هناك درجة عالية من الاستقرار بالبلاد، تسمح بالعودة مرة أخرى للتباحث فى ملف الإصلاح السياسي، وفتح الأفق والمجال أمام كافة التيارات السياسية، وهو ما عكسه الحضور الكبير لرموز المعارضة، الذين تبادلوا خلالها حديث طويل مع الرئيس".
وشارك في حفل إفطار الأسرة المصرية عدد من رموز المعارضة، من بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والمخرج خالد يوسف، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ورئيس حزب الكرامة محمد سامي، والنائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، والكاتب الصحفي خالد داوود، رئيس حزب الدستور السابق، ووزير القوى العاملة الأسبق المعارض كمال أبو عيطة، والناشط السياسي ياسر الهواري.
خطوة في وقتها
ويعتبر عكاشة أن الدعوة لحوار سياسي "خطوة جاءت في وقتها تماما"، موضحا: "هناك تحديات كبيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، التي تلقي بظلالها على العالم كله، وهو ما يحتاج إلى حوار موسع يضم كافة الآراء وتبادل وجهات النظر، وبحث خطة الحكومة المستقبلية في الملف الاقتصادي، وهو ملف سيكون ضمن أجندة الحوار".
الخبير المصري يرى أيضا أن: "هناك رغبة لتنشيط العمل الحزبي، وتقديم رؤى وأفكار جديدة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم ومصر، إضافة إلى التوافق على أجندة عمل على المدى القريب والمتوسط وأن تعمل الحكومة وفقا لنتائج هذا الحوار".
تجاوب حزبي سريع
وفي استجابة عملية سريعة لدعوة الرئيس السيسي للحوار السياسي، طالب حزب "مستقبل وطن" صاحب الأغلبية النيابية بالبرلمان، نوابه بالعمل على تنفيذ قرارات الرئيس والعمل عليها.
وأكد الحزب في بيان استمرار تحمل مسؤولياته من خلال أعضائه بغرفتي البرلمان (النواب والشيوخ) وتشكيلاته بالمحافظات، في تنفيذ تلك القرارات والعمل عليها باعتبارها خطوة حقيقية في بناء الجمهورية الجديدة.
وشدد على تسخير كافة إمكانياته للمساهمة في تفعيل قرارات الرئيس والتعاون مع كافة المؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق رؤية القيادة السياسية التي تهدف إلى ترسيخ حالة الاستقرار المجتمعي وبناء الإنسان المصري.
كما أعلن رئيس حزب الوفد، عبد السند يمامة، تقديم الحزب ورقة عمل حول مستقبل العمل السياسي الشبابي، خاصة أن الشباب هم عماد أي تحرك سياسي في مصر.
وأشار إلى أن مصر في الوقت الحالي تحتاج إلى مختلف أطياف وتيارات العمل السياسي لصالح الوطن والمواطن.
ويرحب الحزب بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، وتوسيع قاعدة عمل اللجنة بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني.
حاجة ملحّة للحوار
محمود سامي رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المصنف ضمن أحزاب المعارضة، ثمّن في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" طرح مبادرة الحوار السياسي.
ويؤكد: "هناك حاجة ملحّة فى الفترة الحالية، وفي ظل التحديات العديدة إلى إجراء مثل هذا الحوار الوطني مع كافة القوى السياسية الوطنية دون تمييز أو استثناء، قائلا: "مشاركة المعارضة الحقيقية مطلوبة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والمرتبط بمتغيرات عالمية"
ويذهب سامي إلى أن "المبادرة فرصة كبيرة للأحزاب، وبداية انفراجة ديمقراطية وسياسية كبيرة".
ويوضح قائلا: "مبادرة الحوار السياسي، والحضور اللافت لرموز المعارضة في حفل الثلاثاء، بمنزلة فتح لنافذة السياسة، وخطوة على طريق الإصلاح السياسي في البلاد".
ويلفت إلى أن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي كان من أوائل الأحزاب التي دعت لعقد مثل هذا الحوار السياسي، مشيرا في الوقت نفسه استعداد الحزب لهذا الحوار
إرادة وطنية خالصة
وبدوره، يصف النائب أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية بمجلس النواب، تكليف الرئيس بإدارة حوار وطني بين القوى السياسية، بأنه "خطوة في غاية الأهمية تساعد على تحديد أولويات العمل الوطني وتدشن لجمهورية جديدة تقبل بالجميع ولا يمكن فيها أن يفسد الخلاف في الرأي للوطن قضية".
وأوضح أبو العلا أن قرار إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي جاء في وقته، مشيرا إلى أن أهم ما يميز قرارات الرئيس أنها جاءت نتيجة إرادة وطنية حقيقية لا تقبل الإملاءات الخارجية.
ونقابيا، رحبت نقابة الصحفيين، بمجمل القرارات التي أعلنها الرئيس السيسي، فيما يخص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والسياسية، "التي من شأنها دفع مسيرة الوطن الغالي خطوات واسعة نحو مستقبل أفضل لكل فئات شعبه الكريم".
وأكد نقيب الصحفيين ضياء رشوان في بيان تلقى موقع "سكاي نيوز عريية" نسخة منه، أن "دعوة الرئيس السيسي لحوار سياسي وطني واسع يضم مختلف أطياف المجتمع السياسية والنقابية والمدنية وغيرها، على قاعدة الشرعية الدستورية والقانونية، هو نقلة نوعية في المسار السياسي للدولة المصرية".
واعتبر أنه "يفتح الآفاق أمام التعايش والتوافق بين كل هذه الأطياف -اتفاقا أو اختلافا- من أجل مصلحة مصر وشعبها العظيم".